التكاليف وعدمه حتى يقال ان رواية الستين تدل على عدمه بالمنطوق والمفهوم يضعف عن معارضة المنطوق ، فان تلك الأحكام ثابتة معلومة من الشارع واجب استصحابها والعمل بها الى وجود المانع والتعارض هنا وقع في بيان هذا الحد ، فان ثبت كونه الخمسين وجب استصحاب الأحكام إليها خاصة وان ثبت كونه الستين فكذلك ، وهذا بحمد الله سبحانه ظاهر لا خفاء عليه ولا يأتيه الباطل من خلفه ولا من بين يديه ، ونظير ذلك اخبار البلوغ المختلفة ببلوغ الأربعة عشرة والخمسة عشرة والثلاثة عشرة والعشر ، الا ان اخبار البلوغ اختلفت في الحد الموجب للاحكام وهذه اختلفت في الحد الذي به تسقط تلك الأحكام. على ان ما ذكره من ضعف المفهوم وعدم معارضة المنطوق ممنوع وان كان قد ذكره غيره من الأصوليين ، فإن المفهوم هنا مفهوم شرط وقد قدمنا لك في مقدمات الكتاب الآيات والأخبار الدالة على حجيته شرعا فهو لا يقصر في الحجية عن المنطوق ، وكلام الأصوليين مبني على ما استدلوا به على الحجية من الأدلة الاقناعية والوجوه التخريجية التي قد طال فيها التشاجر إبراما ونقضا ، واما ما دلت عليه الآيات والروايات ـ كما أوضحناه في المقدمات ـ فليس كذلك ، فإنه متى كان الدليل من الطرفين انما هو الاخبار والآيات فالطعن بالضعف غير متجه وانما الواجب الترجيح بالمرجحات الخارجة كما هو القاعدة المعروفة.
وبالجملة فالاحتياط في المسألة لما عرفت مما لا ينبغي تركه ، وهو من بعد كمال الخمسين الى كمال الستين بان تعمل ما تعمله الطاهر في وقت الدم وتقضي الصوم بعد ذلك ، هذا بالنسبة إلى العبادة ، واما بالنسبة إلى العدة فتعتد بالأشهر إن طابقت الاطهار المحتملة بأن تقع الأطهار الثلاثة في ثلاثة أشهر وإلا فأكثر الأمرين بمعنى انه إذا لم تحصل المطابقة المذكورة بأن تقع الأطهار الثلاثة في أربعة أشهر أو شهرين ففي الأول تعتد بالأطهار وفي الثاني بالأشهر الثلاثة لكونهما أكثر الأمرين ، ولا ينبغي لزوجها ان يراجعها في هذه العدة وان يجري عليها النفقة فيها ونحو ذلك. والله العالم.