ايضا لك ما في كلام جملة من متأخري المتأخرين : منهم ـ صاحب المدارك من الطعن على المفيد ومن تبعهم بأنهم ذكروا النبطية معترفين بعدم النص عليها ، وعبارة المفيد ـ كما سمعت ـ ظاهرة في وصول النص اليه بذلك.
وأنت خبير بان من يرى العمل بهذا الاصطلاح المحدث يترجح عنده العمل بروايات الخمسين لصحة سند بعضها وتأيده بالباقي وضعف ما يعارضها ولذلك مال في المدارك الى هذا القول ، واما من يرى العمل بالاخبار مطلقا فيمكن القول بالتفصيل لما ذكرناه الا انه غير خال من شوب الاشكال. وبالجملة فالمعلوم من الأخبار المذكورة عدم اليأس قبل الخمسين وتحققه بعد الستين مطلقا وانما يبقى الشك فيما بين ذلك.
واما ما قيل ـ من انه لا تعارض بين روايات عبد الرحمن في المنطوق إذ التحديد بالخمسين يستدعي كون ذات الستين آيسة البتة ، نعم مفهوم موثقة الستين يعطى عدم اليأس بدون بلوغ الستين فيشمل الخمسين فيكون ذلك المفهوم بعمومه منافيا لتحديد الخمسين ، والمفهوم مع خصوصه لا يصلح لمعارضة المنطوق بل يجب إلغاؤه معه فكيف مع عمومه وخصوص المنطوق؟ بل يجب تخصيصه به كما هي القاعدة حتى في غيره فلا تعارض. انتهى ـ فظني بعده بل عدم استقامته ، وذلك لان ثبوت التعارض بين الروايتين أظهر من ان ينكر وانما هذه شبهة عرضت لهذا القائل ، وبيان ذلك انه قد علم من الشارع تكليف النساء بأحكام مخصوصة من الحيض وما يترتب عليه من الصوم والصلاة والعدد وما يترتب عليها ونحو ذلك ، وجعل لهذه الأحكام غاية وحدّا تنقطع وترتفع ببلوغه وهو سن اليأس ، وهاتان الروايتان قد تصادمتا وتخاصمتا في بيان هذا الحد الذي تسقط عنده هذه الأحكام ، فمقتضى رواية الخمسين سقوطها ببلوغ هذا الحد ومقتضى رواية الستين انها تستمر بعد الخمسين ولا تسقط إلا ببلوغ هذا الحد وبذلك حصل التعارض ، فيجب بناء على الرواية الأولى العمل بتلك الأحكام واستصحابها الى حد الخمسين خاصة ويجب على الثانية إلى حد الستين ، والروايتان لم تتعارضا في أصل ثبوت