الأحكام في عظام الميت كملا ، وهذا أقصى ما يمكن الحكم به من الأحكام المذكورة مضافا الى اتفاق الأصحاب في هذه الصورة وما ذكر من حكم الصدر أو القلب ، فلا ريب ان كلام الأصحاب هو الأوفق بالاحتياط وان كان في استنباطه من الاخبار المذكورة نوع غموض وخفاء سيما مع اختلافها فيما يصلى عليه من الميت. ولو جعل الغسل تابعا للصلاة وحاصلا من الأمر بها بطريق الأولوية كما ذكره شيخنا الشهيد لا شكل عليهم ذلك في العظم المجرد كما دلت عليه صحيحة محمد بن مسلم عن ابي جعفر (عليهالسلام) (١) قال : «إذا قتل قتيل فلم يوجد إلا لحم بلا عظم لم يصل عليه وان وجد عظم بلا لحم صلى عليه». فان ظاهرها الصلاة على العظم المجرد ويلزم منه وجوب غسله مع انه لا قائل بشيء منهما فيه ، إلا انه يمكن تأويل هذه الرواية بإرجاعها الى ما دلت عليه صحيحة علي بن جعفر من العظام كملا بان يكون المعنى انه ان كان الموجود من هذا القتيل بعد قتله جميع لحمه إلا انه لا عظم فيه فإنه لا يصلى عليه وان وجدت عظامه خالية من اللحم صلي عليها ، ولا بعد فيه إلا من حيث إطلاق العظم وارادة المجموع ومثله في باب المجاز أوسع من ان ينكر ، وسيجيء تحقيق الكلام في هذه الروايات ان شاء الله تعالى في محله من كتاب الصلاة ، قال في الذكرى : «ويلوح ما ذكره الشيخان من خبر علي ابن جعفر لصدق العظام على التامة والناقصة» ورد بان ظاهر الرواية ان الباقي جميع عظام الميت لأن إضافة الجمع يفيد العموم ، على انه لو سلم تناولها للناقصة لم يتم الاستدلال بها على ما ذكره الشيخان لتضمنها وجوب الصلاة مع تصريحهما بنفيها.
بقي ان ما ذكره العلامة (قدسسره) من ان الصدر كالميت في جميع أحكامه مع الإغماض عن المناقشة التي قدمنا ذكرها ، فإنه يشكل في وجوب الحنوط : (أولا) من حيث عدم الدلالة على هذه الكلية والتصريح بذلك انما وقع في كلامهم لا في النصوص كما عرفت وهي انما اشتملت هنا على الأمر بالصلاة ولكنهم ألحقوا بها
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٣٨ من أبواب صلاة الجنازة.