وتعرض الهوام ومع عدمها فلا فائدة في تكرار الماء مع حصول النقاء. أقول : وفي التعليل الثاني ما عرفت آنفا من ان هذه العلة لا تخرج من ان تكون مستنبطة ، إذ لا دلالة في شيء من الأخبار عليها ومع تسليم وجودها في الاخبار فاستلزامها لما ذكروه مردود بان علل الشرع انما هي من قبيل المعرفات لا انها علل حقيقية يدور المعلول مدارها وجودا وعدما ، ألا ترى انه قد ورد في تعليل وجوب العدة على النساء ان العلة في ذلك استبراء الرحم مع وجوبها على من لم يدخل بها زوجها في الوفاة وعلى من طلقها أو مات عنها في بلاد بعيدة بعد مدة مديدة ، ونحو ذلك ما ورد في علة غسل الجمعة من انه كانت الأنصار تعمل في نواضحها فإذا حضروا الجمعة تأذى الناس بروائحهم فأمر (صلىاللهعليهوآله) بغسل الجمعة لذلك (١) مع ثبوت استحبابه أو وجوبه على القول به مطلقا بل ورد تقديمه على يوم الجمعة وقضاؤه بعده ، وحينئذ فمع ورود هذه العلة التي ذكرها لا يجب اطرادها ودوران المعلول مدارها وجودا وعدما حتى انه مع فقد الخليطين يسقط الغسل عملا بالعلة المذكورة.
وعلل القول الثاني ـ كما ذكره في الذكرى ـ بإمكان الجزء فلا يسقط بفوات الآخر لأصالة عدم اشتراط أحدهما بصاحبه. وقال في المنتهى : «لو لم يوجد السدر والكافور وجب ان يغسل بالماء القراح ، وفي عدد غسله حينئذ إشكال ينشأ من سقوط الغسل بعدم ما يضاف إليه لأنه المأمور به ولم يوجد فيسقط الأمر ، ومن كون الواجب الغسل بماء الكافور أو السدر فهما واجبان في الحقيقة ولا يلزم من سقوط أحد الواجبين للعذر سقوط الآخر» وزاد في الروض الاستدلال على ما ذهب اليه من وجوب الثلاث بقوله (عليهالسلام) (٢) : «الميسور لا يسقط بالمعسور». كما ورد في الخبر وقوله
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ٦ من أبواب الأغسال المسنونة.
(٢) رواه النراقي في العوائد ص ٨١ ومير فتاح في العناوين ص ١٤٦ عن عوالي اللئالي عن أمير المؤمنين «عليهالسلام».