(صلىاللهعليهوآله): «إذا أمرتكم بشيء فاتوا منه ما استطعتم» (١).
وعلى هذا النحو كلماتهم في هذا المقام وهي مما لا تسمن ولا تغني من جوع كما لا يخفى على من له إلى الإنصاف ادنى رجوع ، والمسألة غير منصوصة ، وبناء الأحكام على هذه التعليلات العلية سيما مع تعارضها وتصادمها لا يخلو من المجازفة في أحكامه سبحانه ، إلا انه ربما لاح من بعض الأخبار سقوط الغسل بالكلية في هذه الصورة مثل موثقة عمار (٢) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليهالسلام) ما تقول في قوم كانوا في سفر لهم يمشون على ساحل البحر فإذا هم برجل ميت عريان قد لفظه البحر وهم عراة ليس عليهم إلا إزار ، كيف يصلون عليه وهو عريان وليس معهم فضل ثوب يكفنونه به؟ فقال يحفر له ويوضع في لحده ويوضع اللبن على عورته لتستر عورته باللبن ثم يصلى عليه ويدفن.». ونحوه خبر محمد بن مسلم عن رجل من أهل الجزيرة (٣) قال : «قلت لأبي الحسن الرضا (عليهالسلام) قوم كسر بهم مركب في بحر فخرجوا يمشون على الشط فإذا هم برجل ميت عريان والقوم ليس عليهم إلا مناديل متزرين بها وليس عليهم فضل ثوب يوارون به الرجل كيف يصلون عليه وهو عريان؟ فقال : إذا لم يقدروا على ثوب يوارون به عورته فليحفروا له قبره ويضعوه في لحده يوارون عورته بلبن أو حجارة أو تراب ثم يصلون عليه ثم يوارونه في قبره. الحديث». والتقريب فيهما انه (عليهالسلام) لم يتعرض لذكر الغسل في المقام بل أمر ان يحفر له ويوضع في حفرته ولم يتعرض لذكر غسله ، والظاهر انه لا وجه لسقوطه إلا فقد الخليطين فان ظاهر تلك الحال يشهد بتعذر وجوده وإلا فمجرد كونه عريانا لا يمنع من وجوب غسله وهم على ساحل البحر ، ويعضد ذلك ان التكليف الشرعي انما تعلق بهذه المياه الثلاثة على الترتيب المخصوص والكيفية المخصوصة في
__________________
(١) رواه مسلم في صحيحة ج ١ ص ٥١٣ والنسائي ج ٢ ص ١ وابن حزم في المحلى ج ١ ص ٦٤ رقم ١٠٠ بإسناد متصل الى ابى هريرة.
(٢ و ٣) المروية في الوسائل في الباب ٣٦ من أبواب صلاة الجنازة.