أحدها : أنّهم بنوه على أنّ الخبر عامل في المبتدأ ، وقد أفسدناه.
والثاني : أنّ اسم الشرط لا يعمل بل العامل حرف الشرط مضمرا ولا يجوز إظهاره كما لا يجوز إظهار : (أن) مع (حتى).
والثالث : أنّ عمل اسم الشرط بالنيابة عن الحرف وعمله في الفعل ضعيف هو الجزم بخلاف المبتدأ والخبر.
والرابع : أن عمل اسم الشرط في الفعل من حيث ناب عن الحرف وعمل الفعل فيه من حيث هو اسم ، والأسماء معمولة الأفعال فجهة العمل مختلفة بخلاف المبتدأ والخبر.
والخامس : أنّ عمل أحدهما في الآخر مخالف لعمل الآخر فيه والعمل في مسألتنا واحد فهو كالآخذ ما يعطي ، وذلك كالعبث هذا تعليل جماعة من النحويّين وفيه نظر.
والصحيح : أن يقال العمل تأثير والمؤثر أقوى من المؤثّر فيه فيفضي مذهبهم إلى أن يكون الشيء قويّا ضعيفا من وجه واحد إذ كان مؤثرا فيما أثّر فيه.
فصل : وإنّما عمل الابتداء الرفع لوجهين :
أحدهما : أنّه قوي بأوّليته والرفع أقوى الحركات فكان ملائما له.
والثاني : أنّ المبتدأ يشبه الفاعل في أنّه لا يكون إلا اسما مخبرا عنه سابقا في الوجود على الخبر.
فصل : وإنّما كان المبتدأ معرفة في الأمر العامّ ؛ لأن الفائدة لا تحصل بالإخبار عمّا لا يعرف.
فأمّا إذا وصفت النكرة فالإخبار عنها مفيد لتخصّصها وأمّا قولهم : (سلام عليكم) (١) فالاسم واقع موقع الفعل أي : (سلّم الله عليكم) ، وأمّا إذا تقدّم الخبر وكان ظرفا فلتخصّص المبتدأ بالظرف المخصوص.
وأمّا قولهم : (ما أحد في الدار) فجاز لما في أحد من معنى الاستغراق.
__________________
واستوفى معموله ، فهي مبتدأ خبره على الأصح جملة الجواب نحو «من ينهض إلى العلم يسم» و «من يفعل الخير لا يعدم جوازيه».
(١) هذا النوع يسمى : المبتدأ الذى للدعاء ؛ نحو : سلام عليكم ، وويل للأعداء.