فصل : وإنّما لزم تقديم الخبر (١) إذا كان ظرفا أو حرف جرّ على النكرة كقولك : له مال ؛ لأنه لو أخرّ لجاز أن يعتقد صفة وأنّ الخبر منتظر وبالتقديم ثمّ يزول هذا الظنّ.
فصل فيما يسدّ مسدّ الخبر :
فمن ذلك : (جواب لو لا) في قولك : لو لا زيد لأتيتك. والتقدير : لو لا زيد حاضر وموجود ، فصار طول الكلام بالجواب دالّا على المحذوف ومغنيا عنه.
ومن ذلك : (لعمرك) (٢) في القسم ، والتقدير : قسمي ، والجواب دالّ على المحذوف.
ومن ذلك قولهم : ضربي زيدا قائما. ف (قائما) حال من ضمير محذوف تقدير : ضربي زيدا إذا كان قائما. فحذفت (إذا) ؛ لأنها زمان واسم الفاعل يدلّ على الزمان ، و (كان) هذه التامّة ضميرها فاعل والحال منه.
فإن قلت : لم لا تكون الناقصة و (قائما) خبرها؟ قيل : لا يصحّ لوجهين :
أحدهما : أنّ (قائما) لم تقع في مثل هذه إلا نكرة ، وخبر (كان) يجوز أن يكون معرفة.
والثاني : أنّ الغرض من (كان) تعيين زمان الخبر ؛ فإذا حذفت لم يبق على زمانه دليل.
__________________
(١) يجب تقديم الخبر في أربع مسائل :
«إحداها» : أن يكون المبتدأ نكرة ليس لها مسوغ إلا تقدم الخبر ، والخبر ظرف أو جار ومجرور أو جملة (وإنما وجب تقديم الخبر هنا لئلا يتوهم كون المؤخر نعتا ، لأن حاجة النكرة المحضة إلى التخصيص ليفيد الإخبار عنها أقوى من المخبر) ، نحو «عندي كتاب» و «في الدار شجرة» فإن كان للنكرة مسوغ جاز الأمران نحو «رجل عالم عندي» و «عندي رجل عالم».
«الثانية» : أن يشتمل المبتدأ على ضمير يعود على بعض الخبر ، نحو : (أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) (الآية «٢٤» من سورة محمد). فلو أجزنا تقديم المبتدأ هنا لعاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة.
«الثالثة» : أن يكون الخبر له صدر الكلام نحو «أين كتابك» (ف «كتابك» مبتدأ مؤخر و «أين» اسم استفهام متعلق بمحذوف خبر مقدم ، ولا يجوز كتابك أين ، لأن لاسم الاستفهام الصدارة) و (مَتى نَصْرُ اللهِ) (الآية «٢١٤» من سورة البقرة).
«الرابعة» : أن يكون المبتدأ محصورا ب «إلا» نحو : «إنما المقدام من لا يخشى قولة الحق».
(٢) قال الأشموني في شرح الألفية : (وفي نصّ يمين ذا) الحكم وهو حذف الخبر وجوبا. (استقر) نحو لعمرك لأفعلن ، وأيمن الله لأقومن ، أي لعمرك قسمي ، وأيمن الله يميني فحذف الخبر وجوبا للعلم به ، وسد جواب القسم مسده فإن كان المبتدأ غير نص في اليمين جاز إثبات الخبر وحذفه نحو عهد الله لأفعلن وعهد الله عليّ لأفعلن.