فأمّا : (ليس) فاتّفقوا على جواز تقديم خبرها على اسمها ، وأمّا تقديمه عليها فيجوز عند الكوفيّين وبعض البصريّين.
وحجّة من منع : أنّ (ليس) فعل لفظي جامد قويّ الشبه بالحرف فلم يقو قوّة أخواته وجاز تقديم الخبر فيه على الاسم إذ كان فعلا في الجملة فحاله متوسّطة بين (كان) وبين (ما).
واحتجّ من أجاز تقديم خبر (ليس) بقوله : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) [هود : ٨] فنصب (يوم) بالخبر ولا يقع المعمول إلا حيث يقع العامل ، ولأنّ (ليس) فعل يتقدّم خبره على اسمه فكذلك يتقدّم عليه ك (كان) ، وقد أجيب عن الآية من وجهين :
أحدهما : أنّه منصوب بفعل آخر يفسّره الخبر.
والثاني : أنّ الظروف تعمل فيها روائح الفعل.
فصل : وإنّما لم يجز الفصل بين (كان) وغيرها من العوامل بما لم تعمل فيه ؛ لأنه أجنبيّ غير مسند للكلام والعامل يطلب معموله فالفصل بينهما يقطعه عنه ، فإن جعلت في (كان) ضمير الشأن جاز تقديم معمول الخبر لاتّصال (كان) بأحد معموليها وكون الفاصل كالجزء من جنسهما.
فصل : وإنّما كان الأحسن في خبر (كان) إذا وقع ضميرا أن يكون منفصلا ؛ لأنه في الأصل خبر المبتدأ والخبر لا يكون متّصّلا ، وإنّما ساغ في (كان) أن يكون متّصّلا ؛ لأنه مشبّه بالمفعول فعلى هذا : (كنت إيّاه) أحسن من : (كنته).
فصل : وإنّما لم يجز دخول (إلّا) في خبر (ما زال) وأخواتها ؛ لأن معناها الإثبات فيصير ك (كان) فأمّا قول ذي الرّمة (١) : [الطويل]
__________________
٤ ـ ألا يكون خبرها جملة فعلية ماضوية ؛ لأن دام مع معموليها تفيد استمرار المعنى إلى وقت الكلام ، والجملة الماضوية تفيد انقطاعه فيقع التنافى.
٥ ـ ألا يتقدم خبرها عليها وعلى «ما» ؛ لأن «ما» المصدرية الظرفية لا يسبقها شئ من صلتها التى تسبك معها بمصدر. أما توسطه بينها وبين «ما» فجائز.
(١) ذو الرمة : (٧٧ ـ ١١٧ ه / ٦٩٦ ـ ٧٣٥ م) وهو غيلان بن عقبة بن نهيس بن مسعود العدوي ، من مضر. من فحول الطبقة الثانية في عصره ، قال أبو عمرو بن العلاء : فتح الشعر بامرئ القيس وختم بذي