من الاختصار مع فهم المعنى ولم يظهر فيه ضمير التثنية والجمع استغناء بصيغة الاسم الممّيز للضمير ؛ إذ هو في المعنى وجاز الإضمار قبل الذكر لوجهين :
أحدهما : أنّه إضمار على شريطة التفسير.
والثاني : أنّ المظهر ليس يراد به واحد بعينه ففيه نوع إبهام والمضمر قبل الذكر كذلك وهذا مثل قولهم : (ربّه رجلا) والاختيار أن يجمع بين الفاعل والتمييز ؛ لأنّ التمييز ههنا مفسّر للمضمر ولا مضمر وإن جاء منه شيء في الشعر فشاذّ يذكر على وجه التوكيد ، وجعله أبو العبّاس قياسا.
فصل : وأمّا المخصوص بالمدح والذمّ ففي رفعه وجهان :
أحدهما : هو خبر مبتدؤه محذوف.
والثاني : هو مبتدأ والجملة قبله خبره ولم يحتج لى ضمير ؛ لأن الجنس مشتمل عليه فيجرى مجرى الضمير كما قالوا : [الطويل]
وأمّا القتال لا قتال لديكم (١) ...
[البيت الآخر : الطويل]
وأمّا الصدور لا صدور لجعفر (٢) ...
__________________
(١) البيت كاملا :
فأمّا القتال لا قتال لديكم |
|
ولكنّ سيرا في عراض المواكب |
وهو من شعر الحارث المخزومي : (٨٠ ه / ٦٩٩ م) وهو الحارث بن خالد بن العاص بن هشام المخزومي ، من قريش.
شاعر غزل ، من أهل مكة نشأ في أواخر أيام عمر بن أبي ربيعة وكان يذهب مذهبه ، لا يتجاوز الغزل إلى المديح ولا الهجاء.
وكان يهوى عائشة بنت طلحة ويشبب بها ، وله معها أخبار كثيرة.
ولاه يزيد بن معاوية إمارة مكة ، فظهرت دعوة عبد الله بن الزبير ، فاستتر الحارث خوفا ، ثم رحل إلى دمشق وافدا على عبد الملك بن مروان فلم ير عنده ما يحب ، فعاد إلى مكة وتوفي بها.
(٢) والبت كاملا :
فأما الصدور لا صدور لجعفر |
|
ولكن أعجازا شديدا ضريرها |