لتمحّضه على الاستقبال ، ولم يكن : (السين) و (سوف) ؛ لأنّهما يدلّان على نفس زمان الفعل والغرض هنا تقريبه فإن جاء شيء من ذلك فهو شاذّ.
فصل : وإذا وقع : (أن والفعل) قبل الاسم فموضعه رفع على أنّه فاعل (عسى) ويكون معناها : (قرب) ولا تقتضي مفعولا أو يكون هذا الفاعل لم تضمنّه من الحدث مغنيا عن الخبر.
فصل : وأمّا (كاد) ففعل متصرّف يدلّ على شدّة مقاربة الفعل ومن ههنا لم يدخل خبرها :
(أن) ليكون لفظه كلفظ فعل الحال ، فإن جاءت فيه (أن) فهو شاذّ محمول على (عسى) كما حملت عسى على (كاد) فإن تقدّم الفعل كقوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ) [التوبة : ١١٧] كان فيها أربعة أوجه :
أحدها : أن يكون فيها ضمير الشأن والجملة بعدها مفسّرة.
والثاني : أن تكون : (تزيغ) حالا مغنية عن الخبر.
والثالث : أن تكون : (تزيغ) في نيّة التأخير.
والرابع : أن يكون فاعل : (كاد) ضميرا القبيل ، أي : كاد القبيل وأضمر ليقوم ما يدلّ عليه وهذا قول أبى الحسن.
فصل : إذا كانت : (كاد) مثبتة في اللفظ فالفعل غير واقع فى الحقيقة كقولك : كاد زيد يقوم ، أي : قارب ذاك ولم يقم ، وإن كانت منفية فهو واقع في الحقيقة كقولك : لم يكد يقوم ؛ لأن المعنى قارب ترك القيام.
فأمّا قوله تعالى : (لَمْ يَكَدْ يَراها) [النور : ٤٠] فقد اضطربت فيه الأقوال ، فقال بعضهم : التقدير لم يرها ولم يكد وهذا خطأ ؛ لأن قوله : (لَمْ يَكَدْ) إن كانت على بابها نقض الثاني الأوّل ؛ لأنه نفى الرؤية ثمّ أثبتها ، وإن لم تكن على بابها فلا حاجة إلى تقدير الفعل الأوّل. وقال الآخرون : إنّه رآها بعد اليأس من ذلك وهذا أشبه بالمعنى واللفظ.