فصل : ولا يجوز العطف على فاعل فعل التعجبّ لاستحالة المعنى ولا البدل منه ؛ لأن ذلك يوضحّه ومبناه على الإبهام ، ولا يجوز أن يكون المفعول هنا نكرة غير موصوفة كقولك : ما أحسن زيدا! لأنه غير مفيد ولا يجوز الفصل بين فعل التعجّب ومفعوله إلا بالطرف ؛ لأنه بجموده أشبه : (إنّ).
فصل : وأمّا (أفعل به) فى التعجّب فلفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر كقوله تعالى : (فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) [مريم : ٧٥] معناه : فليمدّنّ له الرحمن.
وحكي عن الزّجاج أنّه أمر حقيقة ، والتقدير : أحسن يا حسن بزيد ، أي : دم أيذم به وهذا ضعيف لثلاثة أوجه :
أحدها : أنّ الأمر طلب إيقاع الفعل والتعجّب لا يكون إلا من أمر قد وجد.
والثاني : أنّه يصحّ أن يقال في جواب هذا الكلام : صدقت أو كذبت ، وليس كذلك حقيقة الأمر.
والثالث : أنّ لفظه واحد يكون فى التثنية والجمع والمذكّر والمونّث كقولك : يا زيدان أحسن بعمرو! وكذلك بقية الأمثلة.
وعلى هذا الخلاف تترتّب مسألة ، وهي أنّ موضع الجار والمجرور رفع بأنه فاعل والتقدير : أحسن زيد ، أي : صار ذا حسنّ ، ومثله : (كَفى بِاللهِ شَهِيداً) [الرعد : ٤٣] إلا أن الباء لا يجوز حذفها فى التعجّب لئلّا يبطل معنى التعجّب ويجوز حذفها في : (كَفى بِاللهِ شَهِيداً) وعلى قول الزّجاج : (بزيد) فى موضع نصب.
فصل : وتزاد (كان) في التعجّب نحو : ما كان أحسن زيدا! ولا فاعل لها عند أبي عليّ ، وإنّما دخلت تدلّ على المضيّ. وقال السيرافي : فاعلها مصدرها. وقال الزجّاجي : فاعلها ضمير (ما) ، وهذا ضعيف لوجهين :
أحدهما : أنها لو كانت كذلك لكانت هي خبر (ما) لا يكون هنا إلا (أفعل).
والثاني : أنّها إن كانت التامّة لم تستقم لفساد المعنى ، وإن كانت الناقصة لم تستقم أيضا ؛ لأن خبرها إذا كان فعلا ماضيا قدّرت معه (قد) ، وتقدير (قد) هنا فاسد ؛ لأنه يصير محض خبر.