فصل : وقدّم منصوبها على مرفوعها لثلاثة أوجه :
أحدها : أنّ هذه الأحرف فروع في العمل على الفعل ، والفروع تضعف عن الأصول فيجب أن تشبه بالأصول في أضعف أحوالها وأضعف أحوال الفعل أن يتقدّم منصوبه على مرفوعه تقدّما كقولك : صرف زيدا غلامه.
والثاني : أنّ عمل الفعل في منصوبه أضعف من عمله في مرفوعه ؛ لأنه فى الرتبة متراخ عنه فلمّا كان المنصوب أضعف والمرفوع أقوى جعل الأضعف يلي : (إنّ) ليقوى بتقدمّه فيعمل فيه العامل الضعيف وأخّر لأنه المرفوع ؛ لأن بقوتّه يستغني عن قوة ملاصقة العامل.
والثالث : أنّ المرفوع لو تقدّم لجاز إضماره ، والحرف لا يتصّل به ضمير المرفوع كالتاء والواو) في : (قمت) و (قاموا) بخلاف ما إذا تأخر.
فصل : ولا يجوز تقديم المرفوع هنا لثلاثة أوجه (١) :
أحدها : ما تقدّم من تعذّر الإضمار.
والثاني : أنّ تقديم المرفوع لو جاز لكان أولى كما في الفعل ، وقد بينّا أنّ تقديم المنصوب هو الوجه.
والثالث : أنّ التقديم والتأخير تصرّف ولا تصرّف لهذه الحروف.
فصل : وإنّما جاز تقديم الظرف وحرف الجرّ إذا كان خبرا لثلاثة أوجه :
__________________
(١) للخبر ـ فى هذا الباب ـ ثلاثة أحوال من ناحية تقديمه ، أو تأخيره على الاسم.
الأولى : وجوب تأخيره إذا لم يكن شبه جملة ، وكذلك إن كان شبه جملة جارا مع مجروره ، ولا يعود على المجرور ضمير من الاسم.
الثانية : وجوب تقديمه إذا كان شبه جملة ، جارا مع مجروره ، وكان الاسم مشتملا على ضمير يعود على المجرور (أى : على بعض الخبر الجار مع مجروره).
الثالثة : جواز الأمرين إذا كان شبه جملة ، ـ غير ما سلف ـ ولم يمنع من التقدم مانع.
أما معمول الخبر (مثل : إن المتعلم قارئ كتابك ، وإنه منتفع بعلمك ،) فلا يجوز تقديمه على الحرف الناسخ ، لكن يجوز تقديمه على الخبر مطلقا (أى : سواء أكان المعمول شبه جملة ، أم غير شبهها ، فتقول : إن المتعلم ـ كتابك ـ «قارئ ، وإنه ـ بعلمك ـ منتفع. ففى الجملة الأولى تقدم المعمول : «كتابك» وليس بشبه جملة ؛ وفى الثانية تقدم المعمول شبه الجملة ، وهو الجار والمجرور :» بعلم.