قيل : هذا خطأ ؛ لأن (لا) النافية لا يبطل نفيها بدخول (إنّ) على ما بعدها كقولك : قام زيد لا إن جعفرا قائم فهو كقولك : لا جعفر قائم في المعنى ، و (لكنّ) تثبت ما بعدها لا تنفيه فلم يصحّ ما قالوا.
فصل : واللام الأولى في (لعلّ) أصل في أقوى القولين ؛ لأن الزيادة تصرّف والحروف بعيدة منه ولأنّ الحرف وضع اختصارا والزيادة عليه تنافي ذلك.
وأمّا مجيئها بغير لام فلغة فيها أو حذف حرف أصليّ ، والحذف من جنس الاختصار فهو أولى من الزيادة.
وفي : (لعلّ) لغات وهي : لعلّ وعلّ وعنّ ولعنّ ورعنّ ولغنّ ، والمشهور الأوليان وأكثر العرب تنصب بها ومنهم من جرّ بها وهو قليل.
فصل : وإنّما عملت هذه الحروف لاختصاصها بضرب من الكلام واختصاص الشيء بالشيء دليل على قوّة تأثيره فيه ؛ فإذا أثرّ في المعنى أثر في اللفظ ليكون اللفظ على حسب المعنى.
فأما : (لام التعريف) فلا تعمل مع اختصاصها ؛ لأنها صارت كجزء من الاسم ؛ لأنها تعيّن المسّمى كما تعينه الأوصاف ؛ ولهذا يجوز أن يتوالى بيتان آخر أحدهما معرفة وآخر الآخر اسم مثل الأوّل نكرة ولا يعدّ إيطاء.
وأمّا : (السين) و (سوف) فلم يعملا ؛ لأنّهما كجزء من الفعل إذ كان الفعل دالّا على الزمان وهما تخصّصانه حتّى يدلّ على ما وضع له ، وهما مع الفعل بمنزلة فعل موضوع دالّ على الزمان المستقبل من غير اشتراك.
وأمّا : (قد) فتدخل على الماضي والمستقبل ثمّ إنّها تقرّب الماضي من الحال ، وهذا تأثير في زمان الفعل فصارت كالسين والأفعال إنّما عملت لاختصاصها وهذه الحروف مشّبة بها.
فصل : وإنّما عملت الرفع والنصب ؛ لأنها شابهت الأفعال في اختصاصها بالأسماء في دخولها على الضمائر نحو : (إنّك) و (إنّه) ، وفي أنّ معاينها معاني الأفعال من التوكيد والتشبيه وغير ذلك ، وفي أنّها على ثلاثة أحرف مفتوحة الآخر ومن حيث رفع الفعل ونصب فيما يقتضيه فكذلك هذه الحروف.