فصل : وإذا عطفت على اسم (إنّ) قبل الخبر لم يجز فيه إلا النصب ، وبه قال الفرّاء فيما يظهر فيه الإعراب ، وأجاز الرفع فيما لم يظهر فيه الإعراب ، ويجوز إنّ زيدا وأنت قائمان واختار الكسائيّ الرفع فيهما والرفع فاسد ؛ لأن الخبر إذا ثنّي كان خبرا عن الاسمين وكان العمل فيه عملا واحدا ، وقد وتقدّم عاملان أحدهما : (إنّ) والآخر المبتدأ المعطوف والعمل الواحد لا يوجبه عاملان.
واحتجّ الآخرون بقوله تعالى : (وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى) [المائدة : ٦٩] فرفع قبل الخبر ، ويقول العرب : إنّ زيدا وعمرو ذاهبان حكاه سيبويه ، وبأنّ المعطوف على اسم : (لا) يجوز فيه الرفع فكذلك اسم : (إنّ).
والجواب عن الآية من وجهين :
أحدهما : أنّه معطوف على الضمير في : (آمَنُوا) وقام الفصل بينهما مقام التوكيد.
والثاني : أنّ خبر الصابئين محذوف والنيّة به التأخير تقديره إن الذين آمنوا إلى قوله : (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) والصابئون كذلك لا ويجوز أن يكون : (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) خبر الصابئين وخبر إنّ محذوف لدلالة هذا الخبر عليه كما قال الشاعر (١) : [المنسرح]
نحن بما عندنا وأنت بما |
|
عندك راض والرأي مختلف |
أي : نحن بما عندنا راضون ؛ ولذلك تجيز في الكلام إنّ زيدا وعمرو قائم على الوجهين ، وأمّا قول البرجمي (٢) : [الطويل]
__________________
(١) البيت من شعر أحيحة بن الجلّاح : (١٢٩ ق. ه / ٤٩٧ م) وهو أحيحة بن الجلاح بن الحريش الأوسي أبو عمرو. شاعر جاهلي ، من دهاة العرب وشجعانهم.
قال الميداني : كان سيد يثرب ، وكان له حصن فيها سماه المستظلّ ، وحصن في ظاهرها سماه الضحيان ، ومزارع وبساتين ومال وفير.
وقال البغدادي : كان سيد الأوس في الجاهلية وكان مرابيا كثير المال. أما شعره فالباقي منه قليل جدا.
وفي الأغاني أن سلمى بنت عمرو العدوية كانت زوجة لأحيحة وأخذها بعده هاشم بن عبد مناف فولدت له عبد المطلب وبهذا تكون وفاة أحيحة قبل وفاة هاشم المتوفى نحو عام ١٠٢ قبل الهجرة.
(٢) ضابئ البرجمي : (٣٠ ه / ٦٥٠ م) وهو ضابئ بن الحارث بن أرطأة بن غالب بن حنظلة البرجمي. شاعر ، أدرك النبي صلىاللهعليهوسلم ، وكان قد استعار كلبا من بني جرول فطال مكثه عنده فطالبوه به