فمن يك أمسى بالمدينة رحله |
|
فإنّي وقيّار بها لغريب |
فـ (غريب) خبر (إنّ) لا غير ؛ لأن اللام تكون في خبر : (إنّ) لا في خبر المبتدأ ، وأمّا (قيّار) فيجوز أن يكون مبتدأ و (بها) خبره والجملة حال ويجوز أن يكون خبره محذوفا دلّ عليه المذكور.
وأمّا الحكاية عن العرب فقد قال سبيويه ذلك من قائله على جهة الغلط كما فعلوا في خبر : (ليس) فجّروا لأنهم توهّموا الباء في قول الشاعر (١) : [الطويل]
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة |
|
ولا ناعب إلا ببين غرابها |
وإنّما غلطوا في ذلك ؛ لأنه موضع تكثر فيه الباء كذلك في الحكاية.
وأمّا العطف على اسم : (لا) فالرفع لا يجوز ومن أجازه قال : (لا) وإسمها ركّبا وجعلا كاسم واحد موضعه رفع ، ومنهم من قال : (لا) لا تعمل في الخبر ؛ لأنها فرع فلم يلزم فيها ما لزم في : (إنّ).
فصل : واتّفقوا على جواز نصب المعطوف على اسم إنّ بعد الخبر على اللفظ ورفعه من ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون على معنى الابتداء ومعنى ذلك أنّك لو لم تأت ب (إنّ) لكان الاسم مرفوعا بالابتداء فجاء المعطوف على ذلك التقدير ولم ينقص رفعه معنى ، ومن قال : هو معطوف على موضع (إنّ) أو على موضع اسم (إنّ) فهذا المعنى يريد لا (إنّ).
الثاني : أن يكون مبتدأ والخبر على الوجهين محذوف دلّ عليه المذكور.
والثالث : أن يكون معطوفا على الضمير في الخبر فيكون على هذا فاعلا والأجود على هذا توكيده هذا كلّه في : (إنّ).
وأمّا : (لكنّ) فلا يجوز العطف فيها على معنى الابتداء عند أكثر المحقّقين ، وأمّا (أنّ) المفتوحة وما عملت فيه فلا تقع مبتدأ بل معمولة لعامل لفظيّ قبلها ويجوز الرفع على
__________________
ـ فامتنع. ثم عرضوا له فأخذوه ، فغضب ورماهم بهجاء شنيع ، فحبسه عثمان بن عفان ، فلم يزل به إلى أن مات ، له شعر في الأصمعيات.
(١) من شعر أبي الأحوص الرياحي.