فصل : واختلفوا في خبر (لا) ، فقال سيبويه : هو مرفوع بالابتداء كما يرتفع قبل دخول :
(لا) وحجّته شيئان.
أحدهما : أنّه لمّا كان موضع (لا) واسمها رفعا كان الخبر مرفوعا على ذلك التقدير.
والثاني : أنّ (لا) ضعيفة جدا فلم تعمل في الاسمين بخلاف : (كان) و (إنّ).
وقال الأخفش : هو مرفوع ب (لا) ؛ لأنها اقتضت اسمين وعملت في أحدهما فتعمل في الآخر ك (إنّ) وعلى هذا تترتّب مسألة هي قول الشاعر (١) : [الوافر]
فلا لغو ولا تأثيم فيها ...
على قول سيبويه : (فيها) خبر عن الاسمين ، وعلى قول أبي الحسن هو خبر عن أحدهما وخبر الآخر محذوف.
__________________
. ـ (ه) أن يكون اسمها نكرة متّصلا بها (وإن كان اسمها معرفة ، أو نكرة منفصلا منها أهملت ، ووجب تكرارها ، نحو «لا محمود في الدّار ولا هاشم» ونحو : (لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) فإنّما لم تتكرّر مع المعرفة في قولهم «لا نولك أن تفعل» من النوال والتّنويل وهو العطية ، وهو مبتدأ ، وأن تفعل سدّ مسدّ خبره لتأول «لا نولك» بلا ينبغي لك أن تفعل).
(و) أن يكون خبرها أيضا نكرة.
(١) البيت كاملا :
ولا لغو ولا تأثيم فيها |
|
ولا غول ولا فيها مليم |
والبيت من شعر أمية بن أبي الصلت : (٥ ه / ٦٢٦ م) وهو أمية بن عبد الله أبي الصلت بن أبي ربيعة بن عوف الثقفي.
شاعر جاهلي ، حكيم ، من أهل الطائف. قدم دمشق قبل الإسلام وكان مطلعا على الكتب القديمة ، يلبس المسوح تعبدا وهو ممن حرموا على أنفسهم الخمر ونبذوا عبادة الأوثان في الجاهلية ، ورحل إلى البحرين فأقام ثماني سنين ظهر في أثنائها الإسلام. وعاد إلى الطائف فسأل عن خبر محمد صلىاللهعليهوسلم ، وقدم مكة وسمع منه آيات من القرآن وسألته قريش رأيه فقال : أشهد أنه على الحق. قالوا : فهل تتبعه؟ فقال : حتى أنظر في أمره.
ثم خرج إلى الشام وهاجر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إلى المدينة وحدثت وقعة بدر وعاد أمية يريد الإسلام فعلم بمقتل أهل بدر وفيهم ابنا خال له فامتنع وأقام في الطائف إلى أن مات.
أخباره كثيرة وشعره من الطبقة الأولى ، إلا أن علماء اللغة لا يحتجون به لورود ألفاظ فيه لا تعرفها العرب. وهو أول من جعل في مطالع الكتب باسمك اللهمّ ، فكتبتها قريش.