والثاني : أنّ ما بعده مفتقر إليه كافتقار المضاف إليه إلى المضاف ، وعلى هذا إذا قلت لا مرورا بزيد وعلقّت الباء بالمصدر نصبت ونوّنت ؛ لأنه عامل فيما بعده والخبر محذوف ، وإن جعلت : (بزيد) الخبر لم تنوّن المصدر ؛ لأنه غير عامل ههنا ، وكذلك لا آمر بالمعروف يوم الجمعة إن أعملت آمرا نوّنته وإن لم تعمله لم تنوّنه ولا يكون : (يوم الجمعة) خبرا ؛ لأن ظرف الزمان لا يخبر به عن الجثث والنفي على هذا التقدير خاصّ ببعض الآمرين وإن جعلت الباء الخبر كان النفي عامّا.
فصل : وموضع : (لا) واسمها رفع بالابتداء لوجهين :
أحدهما : أنّهما في حكم المركّب على ما تقدم ، والمركّب يجري مجرى المفرد في موضع الإعراب.
والثاني : أنّ الكلام قبل دخول : (لا) جملة خبريّة كقولك : عندنا رجل ؛ فإذا أدخلت : (لا) بقيت الخبريه على ما كانت إلا أنّ الخبر منفيّ وكان مثبتا وهذا مثل : (ما) في قولك : ما عندنا رجل إلا أنّك لّما أدخلت : (لا) أوليتها الاسم ؛ ولهذا إذا قدّمت الخبر أو فصلت بينهما رجع إلى الابتداء والخبر لفظا مثل قوله تعالى : (لا فِيها غَوْلٌ) [الصافات : ٤٧] ، وليس ك (أنّ وليت ولعلّ) ؛ لأنها تغير معنى الابتداء (١).
__________________
(١) تعمل «لا» عمل «إنّ» بستّة شروط :
(أ) أن تكون نافية.
(ب) أن يكون المنفّي بها الجنس ، ولو كانت لنفي الوحدة عملت عمل «ليس» نحو «لا رجل قائما بل رجلان» أمّا قولهم في المثل «قضيّة ولا أبا حسن لها» أي لا فيصل لها ، إذ هو كرّم الله وجهه كان فيصلا في الحكومات على ما قاله النبي صلىاللهعليهوسلم : أقضاكم عليّ ، فصار اسمه كالجنس المفيد لمعنى الفيصل ، وعلى هذا يمكن وصفه بالنكرة ، وهذا كما قالوا : «لكلّ فرعون موسى» أي لكل جبّار قهّار ، فيصرف فرعون وموسى لتنكيرهما بالمعنى المذكور.
(ج) أن يكون نفيه نصّا (وهو الذي يراد به النفي العام ، وقدّر فيه «من» الاسغراقية ، ؛ فإذا قلنا «لا رجل في الدار» وأنت تريد نفي الجنس لم يصح إلا بتقدير «من» فكان سائلا سأل : هل من رجل في الدار؟ فيقال : «لا رجل»).
(د) إلا يدخل عليها جار (وإن دخل عليها الخافض لم تعمل شيئا ، وخفضت النكرة بعدها نحو «غضبت من لا شيئ ، وشذ» جئت بلا شيء (بالفتح)