فصل : الفعل الماضي لا يكون حالا إلا ب (قد) مظهرة أو مضمرة كقولك : جاء زيد ركب ؛ لأن الحال إمّا مقارنة أو منتظرة والماضي منقطع عن زمن العامل ، وليس بهيئة في ذلك الزمان و (قد) تقربه من الحال ، وقال الكوفيّون : يجوز ذلك ؛ لأن أكثر ما فيه أنّها غير موجودة في زمان الفعل ، وذلك لا يمنع لا تمنع الحال المقدّرة.
والجواب : أنّ الفرق بينهما أنّ الحال والاستقبال متقاربان ؛ لأن المنتظر يصير إلى الحال ؛ ولذلك احتملها الفعل المضارع والماضي منقطع بالكلّية ، فأمّا قوله تعالى : (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) [النساء : ٩٠] فقيل : التقدير : (قوما حصرت) فالفعل صفة لا حال ، وقيل : هو دعاء مستأنف ، وقيل : لفظه ماض والمعنى على المضارعة ، أي : جاؤوكم تحصر صدورهم ؛ لأن الحصر كان موجودا وقت مجيئهم فحقه أنّ يعبّر عنه بفعل الحال ، وقيل : التقدير : (قد حصرت) (١).
__________________
(١) تتأخر الحال عن عاملها وجوبا في أحد عشر موضعا :
١ ـ أن يكون العامل فيها فعلا جامدا ، نحو «نعم المهذار ساكتا. ما أحسن الحكيم متكلّما. بئس المرء منافقا. أحسن بالرّجل صادقا»
٢ ـ أن يكون اسم فعل ، نحو «نزال مسرعا».
٣ ـ أن يكون مصدرا يصحّ تقديره بالفعل والحرف المصدري ، نحو «سرّني أو يسرّني ، اغترابك طالبا للعلم».
(اذ يصح أن تقول «يسرني أن تغترب طالبا للعلم». فان كان يصح تقديره بالفعل والحرف المصدري. نحو «سمعا كلام الله متلوّا» ، جاز تقديمه عليه نحو «متلوّا سمعا كلام الله».
٤ ـ أن يكون صلة لأل ، نحو «خالد هو العامل مجتهدا».
٥ ـ أن يكون صلة لحرف مصدريّ ، نحو «يسّرني أن تعمل مجتهدا. سرّني أن عملت مخلصا ، يسرّني ما تجتهد دائبا. سرّني ما سعيت صابرا».
٦ ـ أن يكون مقرونا بلام الابتداء ، نحو «لأصبر معتملا».
٧ ـ أن يكون مقرونا بلام القسم ، نحو «لأثابرنّ مجتهدا».
٨ ـ أن يكون كلمة فيها معنى الفعل دون أحرفه ، نحو «هذا عليّ مقبلا. ليت سعيدا ، غنيّا ، كريم. كأنّ خالدا ، فقيرا ، غنيّ.
٩ ـ أن يكون اسم تفضيل ، نحو «عليّ أفصح القوم خطيبا» ، إلا إذا كان عاملا في حالين ، نحو «العصفور ، مغردا خير منه ساكتا» ، فيجب تقديم حال المفضّل على عامله ، كما تقدّم.
١٠ ـ أن تكون الحال مؤكدة لعاملها ، نحو «ولى العدوّ مدبرا ، فتبسّم الصديق ضاحكا».
١١ ـ أن تكون جملة مقترنة بالواو ، على الأصحّ ، نحو «جئت والشمس طالعة».