أحدهما : أنّه صار مع حرف النداء كالأصوات نحو : (حوب) و (هيد) و (هلا) زجر الإبل و (عدس) في زجر البغال ؛ لأن الغرض من الجميع التنبيه ، وليس بمخبر عنه ولا متصل بمخبر عنه ؛ ولذلك بنيت حروف التهجّي.
والثاني : أنّه أشبه المضمر في أنّه مخاطب غير مضاف والأصل في كلّ مخاطب أنّ يذكر بضمير الخطاب كقولك : أنت يا أنت ، وقد جاء ذلك في النداء قال (١) : [الرجز]
يا أبحر بن أبحر يا أنتا |
|
أنت الّذي طلّقت عام جعتا |
والواقع موقع المبنيّ يبنى (٢).
__________________
(١) البيت من شعر الأحوص الأنصاري : (١٠٥ ه / ٧٢٣ م) وهو عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عاصم الأنصاري. من بني ضبيعة ، لقب بالأحوص لضيق في عينه.
شاعر إسلامي أموي هجّاء ، صافي الديباجة ، من طبقة جميل بن معمر ونصيب ، وكان معاصرا لجرير والفرزدق. وهو من سكان المدينة. وفد على الوليد بن عبد الملك في الشام فأكرمه ثم بلغه عنه ما ساءه من سيرته فردّه إلى المدينة وأمر بجلده فجلد ونفي إلى دهلك (وهي جزيرة بين اليمن والحبشة) كان بنو أمية ينفون إليها من يسخطون عليه.
فبقي بها إلى ما بعد وفاة عمر بن عبد العزيز وأطلقه يزيد بن عبد الملك ، فقدم دمشق ومات بها ، وكان حماد الراوية يقدمه في النسيب على شعراء زمنه.
(٢) بعض أحكام للمنادى المبني المستحق البناء.
١ ـ إذا كان المنادى ، المستحقّ للبناء ، مبنيّا قبل النداء ، فإنه يبقى على حركة بنائه. ويقال فيه إنه مبنيّ على ضمّة مقدّرة ، منع من ظهورها حركة البناء الأصليّة ، نحو «يا سيبويه. يا حذام. يا خباث. يا هذا. يا هؤلاء».
ويظهر أثر ضمّ البناء المقدّر في تابعه ، نحو «يا سيبويه الفاضل. يا حذام الفاضلة. يا هذا المتجهد. يا هؤلاء المجتهدون».
٢ ـ إذا كان المنادى مفردا علما موصوفا بابن ، ولا فاصل بينهما ، والابن مضاف إلى علم ، جاز في المنادى وجهان ضمّه للبناء ونصبه ، نحو «يا خليل بن أحمد. ويا خليل بن أحمد». والفتح أولى. أمّا ضمّه فعلى القاعدة ، لأنه مفرد معرفة. وأما نصبه فعلى اعتبار كلمة «ابن» زائدة ، فيكون «خليل» مضافا و «أحمد» مضافا إليه. وابن الشخص يضاف إليه ، لمكان المناسبة بينهما. والوصف بابنة كالوصف بابن ، نحو «يا هند ابنة خالد. ويا هند ابنة خالد».
أمّا الوصف بالبنت فلا يغيّر بناء المفرد العلم ، فلا يجوز معها إلا البناء على الضمّ ، نحو «يا هند بنت خالد».
ويتعيّن ضمّ المنادى في نحو «يا رجل ابن خالد. ويا خالد ابن أخينا» لانتفاء علميّة المنادى ، في الأول ، وعلميّة المضاف إلى ابن في الثاني ، لأنك ، إن حذفت ابنا ، فقلت «يا رجل خالد ، ويا خالد أخينا» ، لم يبق ـ