قيل : من التي بمعنى اللام ؛ لأن العلامات التي ذكرناها في اللام توجد فيها دون الأخرى.
فإن قيل : ف (كلّ القوم) من أيّهما؟
قيل : من اللام لمّا تقدّم ، ألا ترى أنّ (كلّا) عبارة عن مجموع أجزاء الشيء المضاف إليه والمجزّأ غير الأجزاء ؛ ولذلك لا تقول : القوم كلّ ، ولا الكلّ قوم.
فصل : والإضافة المحضة تعرّف إذا كان الثاني معرفة كقولك : غلام زيد ، وصاحب الرجل فيتعدّى التعريف من الثاني إلى الأوّل لتخصّصه به.
وأمّا غير المحضة فهي على ضربين :
١ ـ أحدهما : لا يحصل منها تعريف ، وذلك في ثلاثة مواضع :
أ ـ أحدها : إضافة (مثل) ونظائره كقولك : زيد مثل عمرو ؛ لأن (مثلا) يقدّر فيها التنوين إذ كانت المماثلة بين الشيئين لا تقع من وجه مخصوص ، وكذلك (غير) ؛ لأن المثلين من وجه غيران من وجه آخر ، وكذلك الغيران مثلان من وجه آخر فإن وقعا بين متماثلين من كلّ وجه أو متغايرين من كلّ وجه تعرّفا كقولك : الحركة غير السكون.
ب ـ والثاني : أسماء الفاعلين والمفعولين العاملة عمل الفعل ؛ لأن التنوين فيها مقدّر مراد وحذف تخفيفا وانجرّ الثاني لوجود لفظ الإضافة كقولك : زيد ضارب عمرو غدا.
ج ـ والثالث : الصفة المشبهة (١) باسم الفاعل نحو : حسن الوجه ؛ لأن التنوين فيها مراد أيضا ، والتقدير : مررت برجل حسن وجهه.
٢ ـ والضرب الثاني : يحصل فيه التعريف ، وذلك في موضعين ؛ أحدهما : إضافة (أفعل) كقولك : زيد أفضل القوم. ف (أفضل) معرفة عند الأكثرين ، و (أفعل) هذه تستعمل على ثلاثة أوجه :
__________________
(١) الصفة المشهبة بإسم الفاعل هي صفة تؤخذ من الفعل اللازم ، للدّلالة على معنى قائم بالموصوف بها على وجه الثّبوت ، لا على وجه الحدوث كحسن وكريم وصعب وأسود وأكحل.
ولا زمان لها لأنها تدلّ على صفات ثابتة. والذي يتطلّب الزمان إنما هو الصفات العارضة.
(وإنما كانت مشبهة باسم الفاعل ، لأنها تثنى وتجمع وتذكر وتؤنث ، ولأنها يجوز أن تنصب المعرفة بعدها على التشبه بالمفعول به. فهي من هذه الجهة مشبهة باسم الفاعل المتعدي الى واحد).