فصل : وشرط بدل الاشتمال أن يكون الأوّل مشتملا على الثاني ، والثاني قائم به كقولك : يعجبني زيد عقله ، وعرفت أخاك خبره ، وحقّه التقديم أي : يعجبني عقل زيد ، ولكن لمّا كان يكتسب من عقله وصف الحسن والإعجاب جاز أن يؤخر ويجعل بدلا منه ؛ فإن لم يكن كذلك لم يجز كقولك : يعجبني زيد أبوه ؛ لأن (زيدا) لا يشتمل على الأب بل كلّ واحد منهما منفصل عن الآخر ويتضح بقولك : (مات زيد أخوه) فإنه ليس من الاشتمال بل من الغلط.
فصل : وحقّ بدل الغلط أن يستعمل ب (بل) ؛ لأنها موضوعة للإضراب عن الأوّل ولكن جاز حذفها لوضوح معناها.
فصل : والعامل في البدل غير العامل في المبدل منه ، وذلك العامل هو تقدير الإعادة ، أي : إعادة العامل الأوّل فقولك : مررت بزيد أخيك ، تقديره : بزيد بأخيك ، وقال قوم : العامل فيه عامل الأوّل.
وحجّة الأوّلين من وجهين :
أحدهما : أنّ العامل قد ظهر في كثير من الكلام فمن ذلك قوله تعالى : (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) [الأعراف : ٧٥] فأعاد (اللام) مع البدل وقال تعالى : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ) [إبراهيم : ١] فأبدل الصراط من النور وأعاد (إلى) وقال تعالى : (وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ) [الروم : ٣١ ـ ٣٢] فأعاد (من) وهو كثير في القرآن والشعر.
والوجه الثاني : أنّ البدل كالمبدل منه في جميع أحكامه بحيث لو ابتدئ به لم يقدّر هناك محذوف بخلاف الصفة وما أجري مجراها ، وفلمّا لم يكن تبعا في الحقيقة لم يكن تبعا في العمل فلذلك قدّر له عامل أغنى عن تقدّم ذكره.
واحتّج الآخرون بأنّه لو كان له عامل يخصّه للزم إظهاره إذ ليس هناك شيء ينوب عنه.
والجواب : أنّ تقدم العامل وكون الثاني هو الأوّل أغنى عن لزوم تكرّر العامل ، وليس كذلك الصفة ألا ترى أنّ المعطوف لمّا كان غير الأوّل احتاج إلى ما ينوب عن العامل فجيء بالحروف.