فإن قلت : هذا الضارب زيدا لم تجز الإضافة ؛ لأن القياس ترك الإضافة في الجميع إلا أنّها جازت إذا كان في الثاني ألف ولام حملا على باب الحسن الوجه فيجري غيره على القياس.
فصل : وإنّما يعمل اسم الفاعل وما حمل عليه عمل الفعل إذا اعتمد على شيء قبله مثل أن يكون خبرا أو حالا أو صفة أو صلة أو كان معه حرف النفي أو الاستفهام ؛ لأنه ضعيف في العمل لكونه فرعا فقوي بالإعتماد ، وقال الأخفش وطائفة معه : يعمل وإن لم يعتمد لقوّة شبهه بالفعل.
فصل : ويعمل فعّال وفعول ومفعال عمل اسم الفاعل ؛ لأن ما فيها من المبالغة وزيادة الحرف جبر لما دخلها من النقص عن اسم الفاعل في جريانه على الفعل ومن الكوفيّين من منع إعمال ذلك وهو مذهب مخالف لنصوص العرب فقد قال الشاعر (١) : [الطويل]
ضروب بنصل السيف سوق سمانها |
|
إذا عدموا زادا فإنّك عاقر |
وقال آخر : [الطويل]
فيال رزام رشّحوا بي مقدّما |
|
إلى الموت خوّاضا إليه الكتائبا |
فصل : فأمّا (فعل وفعيل) فيعملان عند سيبويه للمعنى الذي ذكرنا ، وقال الشاعر :
[الكامل]
حذر أمورا لا تضير وآمن |
|
ما ليس ينجيه من الأقدار |
فصل : و (فعل وفواعل) جمعا يعملان عمل المفرد لما بينهما من المشابهة ، قال طرفة : [الرمل]
ثمّ زادوا أنّهم في قومهم |
|
غفر ذنبهم غير فجر |
والعرب تقول : (هؤلاء حواجّ بيت الله) بالنصب على الإعمال وبالجرّ على الإضافة.
__________________
(١) من شعر أبو طالب : (٨٥ ـ ٣ ق. ه / ٥٤٠ ـ ٦١٩ م) وهو عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم من قريش ، أبو طالب.
والد الإمام علي كرم الله وجهه ، وعم النبي صلىاللهعليهوسلم وكافله ومربيه ومناصره. كان من أبطال بني هاشم ورؤسائهم ، ومن الخطباء العقلاء الأباة.
وله تجارة كسائر قريش. نشأ النبي صلىاللهعليهوسلم في بيته ، وسافر معه إلى الشام في صباه. ولما أظهر الدعوة إلى الإسلام همّ أقرباؤه (بنو قريش) بقتله فحماه أبو طالب وصدهم عنه.
وفي الحديث : «ما نالت قريش مني شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب». مولده ووفاته بمكة.