العطف أن يشرك بين المعطوف والمعطوف عليه في العامل ، وإذا نصت كنت آمرا المخاطب أن يتابع زيدا في القيام ، ولست آمرا زيدا بالقيام ، حتى لو لم يقم لم يلزم المخاطب القيام ، لأن هذا هو حكم «مع» لا.
ومن كلامه ـ ونقلته عن خط ابن الصيرفي ـ «لو» يقع في الكلام على ثلاثة أوجه :
أحدها : امتناع الشيء لامتناع غيره.
والثاني : أن يكون بمعنى (إن) الشرطية ، كقوله تعالى : (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ.) [البقرة : ٢٢١].
والثالث : أن تكون بمعنى (أن) الناصبة للفعل المستقبل ، ولكنها لا تنصب ، وهو كثير في القرآن والشعر ، كقوله تعالى : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) [القلم : ٩] ، (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي) [المعراج : ١١] ، ولا يجوز أن يكون للامتناع ، إذ لا جواب لها ، ولأن (ودّ) لا تعلق عن العمل ؛ إذ ليس من باب العلم والظن ولأن (أن) قد جاءت بعدها صريحة في قوله تعالى :
(أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ) [البقرة : ٢٦٦] ، وإنما لم تنصب ، لأن «لو» قد تعددت معانيها ، فلم تختص ، وجرت مجرى «حتى» في الأفعال. والقسم الأول يرد في اللغة على خمسة أوجه :
أحدها : أن تدل على كلام لا نفي فيه ، كقولك : لو قمت قمت ، ويفيد ذلك امتناع قيامك لامتناع قيامه.
والثاني : أن تدخل على نفيين ، فيصير المعنى إلى إثباتهما ، كقولك : لو لم تزرني لم أكرمك ، أي : أكرمتك لأنك زرتني ، فانقلب النفي ههنا إثباتا ، لأن «لو» امتناع ، والامتناع نفي ، والنفي إذا دخل على النفي صار إيجابا.
والثالث : أن يكون النفي فيما دخلت عليه دون جوابها ، كقولك : لو لم تشتمه لأكرمك ، فالشتم واقع ، والإكرام منتف ، والامتناع أزال النفي ، وبقي الإيجاب بحاله.
والرابع : عكس الثالث ، وهو قولك : لو أحسن إليك لم تسيء إليه ، والمعنى معلوم.