أحدها : أنه تعليل بالعدم المحض ، وقد أفسدناه في باب المبتدأ.
والثاني : ما ذكرتموه يؤول إلى ما قلناه ؛ لأنه بيّن قوة الفعل باستقلاله وبذلك وقع موقع الاسم.
والثالث : أنّ ما قاله يفضي إلى أنّ أوّل أحوال الفعل مع النّاصب والجازم والأمر بعكسه ، وأمّا خبر كاد فالأصل أن يكون اسما لما ذكرنا في بابه وإنّما أقيم الفعل مقامه ليدلّ على قرب الزّمان ، وأمّا كلام الكسائيّ إن حمل على ظاهره ففاسد لثلاثة أوجه :
أحدها : أنّه عدّد حرف المضارعة وغيره وهو وقوعه موقع الاسم فلم يلزم إضافة العمل إلى الحرف.
والثاني : أنّ حرف المضارعة صار من سنخ الكلمة وبعض الكلمة لا يعمل فيها.
والثالث : أنّ الناصب والجازم يزيل الرفع ولو كان حرف المضارعة عاملا لما بطل بعامل قبله بخلاف إن ؛ لأن عملها بطل بعامل بعدها.
مسألة : مثلة الخمسة وهي تفعلان ويفعلان وتفعلون ويفعلون وتفعلين معربة وليس لها حرف إعراب والدليل على أنّها معربة من وجهين :
أحدهما : أنّ المعنى الذي أعرب به المضارع موجود فيها من غير مانع.
والثاني : أنّ النون تثبت في رفعها وتسقط في غيره.
وهذا الاختلاف إعراب والدليل على أنه لا حرف إعراب لها أنّه لو كان لكان إمّا الحرف الذي قبل حرف العلة أو حرف العلة أو النون ، والأوّل باطل ؛ لأنه لو كان حرف إعراب لكانت حركته حركة إعراب وليست كذلك بل هي تابعة لحرف العلّة مناسبة لطبيعته ، والثاني باطل أيضا ؛ لأنه اسم في موضع رفع معمول للفعل فليس منه ولا علامة لشيء هو فيه ، والثالث باطل أيضا لوجهين :
أحدهما : أنّ النون حرف صحيح تسقط في النّصب والجزم فلم تكن حرف إعراب كسائر الحروف.
والثاني : أنّها واقعة بعد الفاعل الموصول بالفعل وهذا الحائل يحيل كونها من الفعل لفظا أو حكما فثبت ما قلنا.