والثاني : أنّها جعلت ضميرا لجمع المؤنث نحو ضربن فلذلك زيدت أولا للجمع.
فصل : وأما التاء فمختصّ بها المخاطب المذكّر كما جعلت ضميرا له في قولك : ضربت وفي المؤنث هي علامة تأنيث الفاعل نحو قامت فجعلت أولا في المضارع لهذا المعنى ، وأمّا الياء فجعلت للغائب لما فيها من الخفاء المناسب لحال الغائب ؛ ولذلك لم يكن للغائب الواحد ضمير ملفوظ به في الفعل نحو زيد قام.
فصل : وإنّما جعلت هذه الحروف أولا لأمرين :
أحدهما : أنها ناقلة للفعل من معنى إلى معنى آخر فكونها أولا يدل على المعنى المنقول إليه بأوّل نظر.
والثاني : أنّ الآخر موضع الإعراب والحشو موضع اختلاف الأبنية فلم يبق سوى الأوّل.
مسألة : إذا تجرّد المضارع عن عامل الجزم والنصب ارتفع لوقوعه موقع الاسم وقال الفرّاء يرتفع لتعرّيه من الجوازم والنواصب وقال الكسائيّ يرتفع بحرف المضارعة.
واحتجّ الأوّلون بأن وقوعه موقع الاسم يكسبه قوّة يشبه بها الاسم وأوّل أحوال الاسم في الاعراب الرفع فيصير كالمبتدأ في ارتفاعه لأوّليته وأنّ الرفع أوّل ولا فرق بين أن يكون ذلك الاسم مرفوعا أو غيره ؛ لأنه ارتفع لوقوعه موقع الاسم من حيث هو اسم لا من حيث هو مرفوع.
واحتجّ الفرّاء من وجهين :
أحدهما : أن تعرّيه من العوامل اللفظية واستقلاله دونها يدلّ على قوّته فأشبه بذلك المبتدأ.
والثاني : أنّ ارتفاعه لوقوعه موقع الاسم باطل بخبر كاد ؛ فإنه مرفوع ولا يقع موقع الاسم ومذهب الكسائي فاسد فتعيّن التعليل بالتعرّي واحتجّ للكسائي بأنّ الفعل قبل حرف المضارعة مبنيّ وبعد وجوده وحده مرفوع والرفع عمل لا بدّ له من عامل ولم يحدث سوى الحرف فوجب أن يضاف العمل إليه وإنّما بطل عمله بعامل آخر ؛ لأنه أقوى منه كما إن الشرطية يبطل عملها ب (لم).
والجواب عن كلام الفرّاء من ثلاثة أوجه :