مسألة : لا تكون إن بمعنى إذ وأجازه الكوفيّون.
حجّة الأوّلين من وجهين :
أحدهما : أنّ إذ اسم وإن حرف ووقوع الحرف بمعنى الاسم بعيد في السماع والقياس.
والثاني : أنّ معنى إن مخالف معنى إذ.
واحتجّ الآخرون بقوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ) [البقرة : ٢٣] والمعنى إذ كنتم ؛ لأن إن للمتردّد ولم يكن في ريب اليهود تردّد.
والجواب : أنّ العرب تذكر مثل ذلك على جهة الاحتجاج والإلزام للخصم حتّى يعترف وكذلك يقول الرجل لابنه : إن كنت ابني فأطعني. ويدلّ على أنّها للشرط مجيء الفاء في جوابها ، وأنّه لا يعمل فيها ما قبلها.
فصل : ولما كانت من للعموم وفي العموم إبهام وقعت شرطا لشبهها بإن في هذا المعنى وكذلك بقيّة أدوات الشرط إلا أنّ في من وأخواتها ما ليس في إن إذ كانت اسما يقع مبتدأ ومفعولا ومجرورا.
فصل : وأمّا مهما ففيها قولان :
أحدهما : هي اسم مفرد للعموم ؛ لأن الأصل عدم التركيب.
والثاني : هي مركبة ، وفي أصلها قولان :
أحدهما : أصلها ـ ما ما فالأولى شرطية والثانية للتوكيد مثلها في إن ما ـ إمّا واينما إلا أن الألف الأولى قلبت هاء لئلا يستنكر تكرير اللفظ وهو قول الخليل.
والثاني : أن اصلها مه التي بمعنى اكفف وما شرطية والمعنى اكفف عن كل شيء ما تفعل افعل.
ويدلّ على أنّ مهما اسم أو فيها اسم عود الضمير إليها في مثل قوله تعالى : (مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ) [الأعراف : ١٣٢].
فصل : وأمّا حيث فلا تجزم إلّا إذا كانت معها ما لوجهين :
أحدهما : أنّ حيث تلزم إضافتها إلى الجمل والمضاف يعمل الجر وهو من خصائص الأسماء فلا يعمل الجزم المختصّ بالأفعال.