وحجّة الأوّلين : أنّ المعنى الذي أعرب له الفعل موجود ودخول معنى التعليق فيه لا يبطل ذلك كما لا تبطله أن ولم ولن.
واحتجّ الآخرون بأنّ الفعل هنا لا يقع موقع الاسم فكان مبنيّا كالأمر.
وهذا لا يصحّ لوجهين :
أحدهما : أنّه لم يعرب لوقوعه موقع الاسم حتى يبنى لزوال ذلك وإنما رفع لهذا الموقع.
والثاني : هو باطل ب (لن) يفعل ؛ فإنه لا يقع موقع الاسم وهو معرب.
مسألة : واختلف الأولون في الجازم لفعل الشرط وجوابه فقال محققو البصريين إن هي الجازمة لهما وقال بعضهم إن تجزم الأوّل ثم تجزمان الجواب وقال بعضهم إن تجزم الأوّل ثمّ يجزم الأوّل الجواب.
وقال الكوفيون : (إن) تجزم الأوّل وينجزم الجواب على الجوار.
وحجة الأوّلين : أنّ إن تقتضي الفعلين فعملت فيهما كالابتداء وك (كان وإنّ وظننت).
واحتج القائل الثاني : بأنّ إن ضعيفة فلا تعمل في شيئين فتقوّى بالثاني : كما ذكرنا في عامل الخبر.
واحتج الثالث : بأنّ الفعل الأول يقتضي الثاني : فعمل فيه.
واحتجّ الرابع : بأنّ الحرف ليس في قوّته العمل في الفعلين والفعل لا يعمل في الفعل فتعيّن أن يكون على الجوار لما فيه من مشاكلة للأوّل ، وقد جاء الإعراب على الجوار كثيرا.
والجواب : إنّ عمل الفعل في الفعل غير سائغ ؛ لأن الفعل لا يقتضي الفعل ولا عمل بدون اقتضاء العامل للمعمول وهذا يمنع أن يعمل وحده أو مع غيره ، وأمّا الإعراب على الجوار فلا يصار إليه إلّا عند الضرورة ولا ضرورة.
مسألة : إذا دخلت إن على لم كان الجزم ب (لم) لا بها وإن دخلت على لا كان بها لا ب (لا) والفرق بينهما أنّ لم عامل يلزمه معموله ولا يفرّق بينهما بشيء ، وأن يجوز أن يفرّق بينها وبين معمولها بمعمول معمولها نحو : إن زيدا تضرب أضربه ، وتدخل أيضا على الماضي فلا تعمل في لفظه ولم لا تفارق العمل وأمّ لا فليست عاملة في النفي فأضيف العمل إلى أن فالأوّل كقوله : (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا) [المائدة : ٧٣]. والثاني : كقوله تعالى : (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي) [هود : ٧٤].