والثالث : أنّ لم تردّ المضارع إلى معنى المضيّ فالفعل باعتبار لفظه يستحقّ الحركة الإعرابية وباعتبار معناه يستحقّ البناء فجعل له حكم متوسط وهو السكون الذي هو في المبنيّ بناء وفي المعرب حاصل عن عامل.
فصل : فإن دخل حرف الشّرط على لم أقرّ معنى الاستقبال فيه ؛ لأن الشرط لا يكون إلّا بالمستقبل فلذلك قدّم عليها وبقيت لم للنفي فقط فب إن بطل أحد معنييها ولو بقي المضيّ لم يبق ل (إن) معنى وكلّ أمر يحافظ فيه على معنى اللفظين ولو من وجه أولى من أمر يلزم منه حذف أحد المعنيين بالكلّيّة.
فصل : وأمّا لمّا فهي لم زيدت عليها ما وصار لها معنى آخر فإذا وقع المستقبل بعدها جزمته وجاز أن تقف عليها كقولك : تكلمت ثمّ قطعت ولمّا أي ولما تنه ولا يجوز ذلك في لم وإن وقع بعدها الماضي صارت ظرفا واقتضت جوابا كقوله تعالى : (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ) [القصص : ٢٢] ولو لا ما لم يجز ذلك.
فصل : وأمّا لام الأمر فعملت لاختصاصها وإنّما جزمت لأمرين :
أحدهما : ما تقدم من أنّها أحدثت في الفعل معنى زاد ثقله به.
والثاني : أنّ الأمر طلب وهو غرض للآمر فأشبهت لامه لام المفعول له وتلك جارّة فيجب أن تكون هذه جازمة ؛ لأن الجزم في الأفعال نظير الجرّ في الأسماء ولشبهها بها كسرت.
فصل : فإن دخلت عليها الواو والفاء سكّنت في اللغة الجيّدة لئلا تتوالى الحركات فإن دخلت عليها ثمّ فالجيّد كسرها ؛ لأن ثمّ منفصلة ، وقد سكّنها قوم لشبهها بالواو.
فصل : وأمّا لا في النهي فعملت لاختصاصها وجزمت لما جزمت له الّلام ، وقيل : النّهي كالأمر من طريق المعنى فصح حمله عليه في الجزم.
فصل : وأما (إن) الشرطية فهي أمّ أدوات الشرط لوجهين :
أحدهما : أنها حرف وغيرها من أدواته اسم والأصل في إفادة المعاني الحروف.
والثاني : أنها تستعمل في جميع صور الشّرط وغيرها يخصّ بعض المواضع ف (من) لمن يعقل و (ما) لما لا يعقل وكذلك باقيها كلّ منها ينفرد بمعنى وإن مفردة تصلح للجميع.
مسألة : فعل الشّرط والجزاء معربان وحكي عن المازني أنّهما مبنيّان.