مسألة : لا يجازى ب (كيف) وقال الكوفيون : يجازى بها.
حجّة الأولين : أن كيف لو جوزي بها إما أن يعرف ذلك بالسماع أو بالقياس على المسموع لا وجه إلى الأول فإنّه لا يثبت فيه سماع ولا وجه إلى الثاني لثلاثة أوجه :
أحدها : أنّ معنى أدوات الشرط تعليق فعل بفعل وكيف لو علّقت لعلّقت حال الفاعل أو المفعول بحال أخرى والفعل يمكن الوقوف عليه لظهوره والحال لا يمكن ذلك فيها لخفائها.
والثاني : أنّ من الأحوال ما لا يدخل تحت الاختيار فلا يصحّ أن يعلّق عليها حال ألا ترى أنّه لو قال كيف تذهب أذهب فذهب مكرها أو مغموما لم يصحّ تكلّف ذلك في جواب الشرط ومثل ذلك لو كان فعلا لم يصحّ المجازاة به كقولك : إن متّ متّ.
والثالث : أنّ تلك الأدوات التي هي أسماء يرجع إليها ضمير لا محالة وكيف اسم لا يصحّ أن يرجع إليها ضمير فلم يصحّ قياسها عليها ولا يصحّ قياسها على الحرف في عدم عود الضمير كما تقاس بقية الأسماء على أن في عدم الضمير إليها.
واحتج الآخرون بأنه يصحّ أن يقال كيف تصنع أصنع بالرفع فكذلك في الجزم والجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أنّ استعمال مثل هذا بعيد ولو ورد عن ثقة فوجهه أنّه قصد حالا معلومة بقرينة تميّزها عنده وهذا يصحّ مع الرفع لا مع الجزم ؛ لأن أسماء الجزم حكمها العموم إذا جزمت.
فصل : فإذا حذفت الفاء جزمت في جميعها إلّا في النفي ؛ لأن النفي عدم والعدم لا يجازى به أو لا يصحّ التعليق به ولا يكون سببا لغيره والفاء تدلّ على أنّ الأول سبب للثاني.
مسألة : تقول لا تدن من الأسد تسلم منه فتجزم والتقدير إن لا تدن تسلم فالتباعد منه سبب السّلامة.
فإن قلت : لا تدن من الأسد يأكلك لم يجز ؛ لأن تقديره : إلّا تدن منه يأكلك ، والتباعد منه ليس بسبب في أكله.