فصل : ويجوز أن يحذف جواب الشرط تارة وفعل الشرط أخرى فمثال الأوّل (١) : [الطويل]
أقيموا بني النّعمان عنّا صدوركم |
|
وإلّا تقيموا صاغرين الرؤوسا |
أي : إن لا تقيموها مختارين تقيموا الرؤوس صاغرين.
ومن الثاني قول الآخر : [الوافر]
فطلّقها فلست لها بكفء |
|
وإلّا يعل مفرقك الحسام |
أي : إلّا تطلّق ويجوز في البيت الأول مثل هذا.
فصل : ومن وما وما أشبههما إذا وقعت مبتدأ في الشرط فالخبر فعل الشرط وحدّه وقال بعضهم الخبر الشرط والجزاء.
وحجّة الأوّلين أن من اسم تام وفعل الشرط فيه ضمير يعود عليه لا محالة ولا يلزم في الجواب أن يكون فيه ضميره وهذا حكم الخبر كقولك : من يقم يقم زيد.
وحجّة الآخرين أنّ الكلام لا يتمّ إلا بالجواب فكان داخلا في الخبر ويصير كقولك : زيد إن يقم أقم معه فالشرط والجواب جميعا الخبر.
وقد أجيب عن هذا بأنّ الجواب هنا أجنبيّ عن المبتدأ ومن يعمل الفعل فيها بعدها النصب كقولك : من تضرب أضرب فيكون هو الخبر عنها كقولك : زيد ضربته ؛ لأنه لو تجرّد عن ضمير المفعول كان ناصبا لزيد ، وأمّا افتقار الكلام إلى الجواب فشيء أوجبه التعليق ألا ترى أنّ قولك : لو لا زيد لأكرمتك لا يتمّ فيه.
الكلام إلّا بالجواب وليس الجواب داخلا في الخبر ؛ ولذلك جعلت الخبر في الاستفهام هو الفعل كقولك : من قام لمّا لم يحتج إلى التمام بالجواب.
__________________
(١) البيت من شعر يزيد الشنّي : وهو يزيد بن الخذّاق الشنّي العيدي بن عبد العتيق. شاعر جاهلي كان معاصرا لعمرو بن هند. من شعره :
هل للفتى من بنات الدهر من واق |
|
أم هل له من حمام الموت من راق |
وفي القرآن (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ وَقِيلَ مَنْ راقٍ)
قال أبو عمرو بن العلاء : هي أول شعر قيل في ذم الدنيا.