فأجرى الوصل مجرى الوقف والمبرّد والزجّاج ينكران ذلك ولا يعتدان بالأبيات الواردة فيه لشذوذها وضعف الرواية فيها وقال آخر (١) : [السريع]
فاليوم أسقى غير مستحقب |
|
إثما من الله ولا واغل |
فسكن ، وقالوا الرواية : فاشرب.
فصل : ومما جاء في ذلك من الشعر ضرورة حذف الضمير من الفعل لدلالة الضمّة عليه كقول الشّاعر : [الوافر]
فلو أنّ الأطبّا كان حولي |
|
وكان مع الأطبّاء الأساة |
أي كانوا ، وقد جاء أشدّ من هذا كقول الآخر : [الرجز]
لو أنّ قومي حين أدعوهم حمل |
|
على الجبال الصمّ لا رفضّ الجبل |
أي : حملوا هذا مع الإسكان.
ومما جاء للضرورة حذف بعض الكلمة كقول لبيد : [الكامل]
درس المنا بمتالع فأبان
أي : المنازل. وقال العجاج : [الرجز]
قواطنا مكّة من ورق الحمي
أي : الحمام فحذف الألف والميم وكسر الميم الأخرى ، وقيل : حذف الميم الأخيرة وحدها وكسر الأولى فصارت الألف ياء ، وقال آخر (٢) : [الطويل]
فلست بآتيه ولا أستطيعه |
|
ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل |
أي : ولكن وضرورة الشّعر أكثر من هذا ، وقد نبّهنا على أصلها.
__________________
(١) من شعر امرئ القيس.
(٢) البيت من شعر النجاشي الحارثي : (٤٩ ه / ٦٦٩ م) وهو قيس بن عمرو بن مالك بن الحارث بن كعب بن كهلان. شاعر هجاء مخضرم اشتهر في الجاهلية والإسلام وأصله من نجران باليمن انتقل إلى الحجاز واستقر في الكوفة وهجا أهلها. وهدده عمر بن الخطاب بقطع لسانه وضربه علي على السكر في رمضان.
من شعره في مدح معاوية :
إني امرؤ قلما أثني على أحد حتى |
|
أرى بعض ما يأتي وما يذر |
قال البكري : النجاشي من أشراف العرب إلا أنه كان فاسقا وكانت أمه من الحبشة فنسب إليها.