يعدّي الفعل بنفسه بعد حذف الحرف ثم يحذف الضمير ، وذلك كقوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) [الحجر : ٩٤] أي به ثمّ حذفت الباء فبقي بما تؤمره ثم حذفت الهاء هذا إن جعلت ما بمعنى الذي أو موصوفة وإن جعلتها مصدريّة لم تحتج إلى تقدير ضمير ، ومنهم من يحذف الجارّ والمجرور دفعة واحدة.
فصل : وأمّا أنّ الثقيلة المفتوحة وأن الناصبة للفعل فهما موصولتان وهما حرفان بلا خلاف فأمّا ما المصدريّة فموصولة أيضا وهي حرف ، وقال الأخفش : هي اسم.
وحجّة الأوّلين : أنه لا يعود إليها ضمير ولو كانت اسما لاحتاجت إليه.
واحتجّ الآخرون بأنّها موصولة غير عاملة فكانت اسما كأمثالها من الموصولات.
والجواب : أنّ الاسميّة لا تثبت من حيث كانت موصولة غير عاملة فإنّ ذلك ليس من حدّ الأسماء ولا علاماتها ؛ لأن كونها موصولة يخرجها عن حكم الأسماء إذ من حكم الأسماء التّمام وكونها لا تعم حكم أكثر الحروف فعلم أنّ الاسمية تثبت بدليل غير هذا ، وقد ذكرنا ما يصلح أن يكون دليلا على حرفيتها.
مسألة : الألف واللّام بمعنى الّذي اسم وحكي عن الأخفش أنها حرف.
وحجّة الأولين : احتياجها إلى عود الضمير إليها على ما سبق.
واحتج الآخرون بأنّها تفيد التعريف فكانت حرفا كحالها إذا دخلت على الأسماء المحضة وسبب ذلك أنّ الاسم الموصول تعرّفه صلته والألف واللّام يعرّفان ما يدخلان عليه.
والجواب : أنّ الألف والّلام ليست للتعريف هنا بل هي ك الّذي والفرق بينهما وبين اللّام المعرّفة أنّ حرف الجرّ إذا وقع قبل الموصول لم يتعلّق بالصّلة كقوله تعالى : (وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) [يوسف : ٢٠] وإن جعلت الألف واللام للتعريف جاز أن يتعلّق الجار بما دخلت عليه إذا صلح للعمل.
فصل : ولا يتقدّم شيء من الصّلة على الموصول ؛ لأن الصلة كجزء من الاسم وتقديم بعض أجزاء الاسم على بعض ممتنع ، وذلك قولك : سرّني ما صنعت اليوم إن نصبت اليوم سرّني جاز تقديمه وتأخيره وإن جعلته ظرفا ل (صنعت) لم يجز تقديمه بحال وللعلّة التي