مسألة : أيّهم يكون بمعنى الذي فإن وصلت بجملة كانت معربة اتفاقا كقولهم : لأضربنّ أيّهم هو أفضل ، فإن وصلتها بمفرد كانت مبنيّة عند سيبويه وذهب بعض البصريين والكوفيون إلى أنّها معربة.
وحجّة الأوّلين : أنّ الأصل في أيّ أن تكون مبنية في الشرط والجزاء والاستفهام لتضمّنها معنى الحرف ، وإذا كانت بمعنى الذي يجب أن تبنى لنقصانها إلّا أنّ ذلك خولف لما نذكره في الاستفهام ، وإذا حذف من صلتها شيء خالفت بقيّة أخواتها فازداد نقصانها ومخالفتها للأصل فيجب أن ترجع إلى حقّها من البناء واحتجّ بقوله تعالى : (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) [مريم : ٦٩].
واحتجّ الآخرون بما قال الجرميّ : خرجت من البصرة فلم أسمع منذ فارقت الخندق إلى مكّة أحدا يقول لأضربنّ أيّهم أفضل بالضم بل بنصبها ولأنّ أيّهم معربة في غير هذا الموضع فتكون معربة ها هنا قالوا والآية محمولة على غير ما ذكرتم وفي هذه المسألة أقوال قد ذكرناها في إعراب القرآن.
والجواب : أمّا حكاية الجرمي فيجوز أن يكون ما سمعه لغة لبعض العرب فإنّ سيبويه حكى خلافها فيجمع بين الحكايتين ويحمل الأمر فيها على لغتين إلّا أنّ الأقيس البناء ، وأمّا قياسها عليها في الاستفهام والجزاء فلا يصحّ ؛ لأنها هناك تامّة وهي ها هنا ناقصة مخالفة لأخواتها من الموصولات.
مسألة : لا بدّ في الصلة من عائد على الموصول ؛ لأن الذي يصلح وصله لكلّ جملة والجملة في نفسها تامّة فلا تصير الجملة تماما ل (الذي) وكالجزء منه إلّا بالضمير الرابط لأحدهما بالآخر كما في الجملة التي هي خبر المبتدأ.
فصل : ويجوز حذف العائد المنصوب كقوله تعالى : (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ) [الفرقان : ٤١] لأنّ الاسم طال لاجتماعه من أربعة أشياء الذي والفعل والفاعل والمفعول ولا يجوز حذف المرفوع ؛ لأنه فاعل والفاعل لا يحذف ولا المجرور ؛ لأنه كجزء من الجارّ ؛ ولذلك لم يكن إلّا متّصلا ، وقد جاء حذف المجرور أيضا قليلا إذا كان الفعل موجودا وطريقه أنّه