والثالث : أن يكون حالا والعامل فيه معنى الإشارة.
مسألة : الاسم الظاهر إذا دخلت عليه الألف واللام لم يكن موصولا لما ذكرنا من قبل ، وقال الكوفيون : يكون موصولا واحتجّوا بقول الشاعر (١) : [الطويل]
لعمري لأنت البيت أكرم أهله |
|
وأجلس في أفيائه بالأصائل |
أي : أنت الذي أكرم وجوابه من وجهين :
أحدهما : أنّ البيت مبتدأ ثان وأكرم أهله الخبر.
والثاني : أنه أراد البيت الذي أكرم فحذف الذي للضرورة.
مسألة : ماذا تكون على وجهين :
أحدهما : هما اسمان ف (ما) استفهام و (ذا) بمعنى الذي فعلى هذا يكون الجواب مرفوعا كقوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) [البقرة : ٢١٩] في قراءة من رفع.
والوجه الثاني : أن يكون ما وذا اسما واحدا للاستفهام بمعنى أيّ شيء فعلى هذا انتصب العفو في الآية ويكون موضع ماذا نصبا ب (ينفقون).
فإن قيل : كيف جاءت ذا بمعنى الذي هنا؟
قيل : لمّا ركّبا حدث لهما معنى وحكم لم يكن في الإفراد على ما عرف في تركيب الحروف وغيرها وإنّما كانت مع ما بهذا المعنى ؛ لأن ما في الاستفهام في غاية الإبهام فأخرجت ذا من التخصيص إلى الإبهام وجذبتها إلى معناها وأصارتها إلى إبهام الذي فإن قيل : أفيجوز مثل ذلك في من ذا قيل لا ؛ لأن من تخصّ من يعقل فليس فيها إبهام ما.
__________________
(١) البيت من شعر أبي ذؤيب الهذلي : (٢٧ ه / ٦٤٨ م) وهو خويلد بن خالد بن محرّث أبو ذؤيب من بني هذيل بن مدركة المضري.
شاعر فحل ، مخضرم ، أدرك الجاهلية والإسلام ، وسكن المدينة واشترك في الغزو والفتوح ، وعاش إلى أيام عثمان فخرج في جند عبد الله بن سعد بن أبي السرح إلى إفريقية سنة (٢٦ ه) غازيا.
فشهد فتح آفريقية وعاد مع عبد الله بن الزبير وجماعة يحملون بشرى الفتح إلى عثمان ، فلما كانوا بمصر مات أبو ذؤيب فيها. وقيل مات بإفريقية.
أشهر شعره عينية رثى بها خمسة أبناء له أصيبوا بالطاعون في عام واحد مطلعها :
«أمن المنون وريبه تتوجع».
قال البغدادي : هو أشعر هذيل من غير مدافعة. وفد على النبي صلىاللهعليهوسلم ليلة وفاته ، فأدركه وهو مسجّى وشهد دفنه. له (ديوان أبي ذؤيب ـ ط).