ومنهم من يقول : أمّهات البهائم وهو قليل كقلّة أمّات الناس ، وقال قوم الهاء في أمهات أصل وهو بعيد لوجهين :
أحدهما : أنّ الواحد لا هاء فيه وهو الأصل.
والثاني : أنّ الأصل الذي يوجد منه على القول بأصالة الهاء هو الأمه وهو النّسيان ولا معنى له ههنا.
وقد زيدت الهاء آخرا للسكت ومعنى ذلك أن يكون الحرف الأخير خفيّا فيبيّن بالوقف بالهاء نحو كتابيه وحسابيه أو تكون حركة الحرف دالّة على حرف محذوف نحو : (لم وبم) فإنّ فتحة الميم تدلّ على الألف المحذوفة فلو وقفت عليها وسكّنت لم يبق على المحذوف دليل وإن حرّكت لتدلّ وقفت على الحركة فزادوا الهاء لتبقى الحركة ويكون الوقف على الساكن وإنّما اختاروا الهاء لضعفها وخفائها وبذلك أشبهت حروف المدّ.
ومن ذلك : (اغز وارم واسع واخش) إذا وقفت عليها ألحقتها الهاء ويجوز أن تقف بغير هاء في ذلك وهو الأصل فأمّا ما حذفت فاؤه ولامه في الأمر من وقى ووفى فأكثرهم يقف عليه بالهاء نحو : قه وفه وعه تقوية للكلمة إذ بقيت على حرف واحد ولاستحالة تسكينها إذ كانت مبدوءا بها موقوفا عليها ، ومنهم من يجوّز ترك الزّيادة ويقف على الحركة فأمّا إن كانت الحركة حركة إعراب لم يوقف عليها بالهاء كضرب ويرمي وإن كان السكون إعرابا فكذلك نحو لم يضرب ولم يرم ولم يغز.
وأجاز قوم في المجزوم المعتلّ الوقف على الهاء نحو : إن تف أفه وإن ترم أرمه تشبيها له بالمبنيّ.
وممّا يوقف عليه بالهاء والنون بعد الواو والياء نحو : مسلمونه ومسلمينه وتتفكّرونه ؛ لأن حركتها حركة بناء بعد حرف ساكن فكرهوا أن يقفوا على السّاكن بعد السّاكن ؛ ولذلك أجازوا كيفه ؛ لأن حركة هذه الحروف كلّها حركة بناء بعد حرف ساكن.