فصل : واعلم أنّ شيئا على التّحقيق مصدر شاء يشاء شيئا ثم جعل اسما عامّا لكلّ موجود ولكلّ معدوم عند من قال المعدوم شيء.
فأمّا على قول الآخرين فليست مصدرا وهي على ثلاثة أقوال :
أحدها : أصلها شيئاء ثم قدّمت الهمزة الأولى على ما ذكر.
والثاني : أصلها شيّئ مثل هيّن ثمّ جمع على أشيئاء مثل أهوناء ثمّ حذفت الهمزة الأولى لما تقدّم.
والثالث : شيّئ مثل صديق واصدقاء ثم حذفت الهمزة أيضا.
وفيها قول رابع : أنّ الواحد شيء ثم جمع على أشياء شاذا كما قالوا : سمح وسمحاء فأجروا فعلاء مجرى فعيل في الجمع ك عليم وعلماء.
فإن قيل : فقد قالوا في جمع أشياء أشاوى ولو كان واحده على شيئاء لما جمع على ذلك؟
قيل : لمّا قدّمت الهمزة أو حذفت على القول الآخر صار لفظها على لفظ صحراء فالهمزة بإزاء الصّاد والشّين بإزاء الحاء والياء بإزاء الرّاء والألف فيهما زائدة للمدّ والهمزة الأخيرة مبدلة من ألف التأنيث ، وكما جمعت صحراء على صحارى جمعت أشياء على أشاوى فالألف الثالثة حادثة للجمع والواو بدل من الياء والالف الأخيرة بدل من ياء ، وكان القياس أشاوي كما كان في صحاري فالياء فيهما بدل من ألف المدّ والمبدلة من ألف التأنيث محذوفة وهذا مثل شملال في أنّ الألف تقلب ياء ثم أبدل من كسرة الواو فتحة فصارت الياء ألفا.
فإن قيل : لو كانت جمعا لما صحّت إضافة الثلاثة إلى العشرة إليها ، وقد صحّت فدلّ أنّها أفعال كما يقال ثلاثة أثواب؟
قيل : لمّا أصارها التغيّر إلى مثال أفعال جاز ذلك فيها.