هو مخصوص بما صح أن يقابل بالتصديق والتكذيب ؛ فكل إخبار إسناد ، وليس كل إسناد إخبارا.
ولا ينتقض هذا الحد بقولهم : (تسمع بالمعيدي خير من أن تراه) ؛ لأن : (خيرا) هنا ليس بخبر عن (تسمع) بل عن المصدر الذي هو : (سماعك) وتقديره : (أن تسمع) وحذف (أن) وهي مراد جائز كما قال : [الطويل]
ألا أيّهذا الزاجرى أحضر الوغى (١)
أي : عن أن أحضر ، ودل على حذفه قوله : (وأن أشهد اللذّات) ، وقيل : حده ما دل على معنى في نفسه مقترن بزمان محصل دلالة الوضع.
فصل : وإنما اختصت (قد) بالفعل ؛ لأنها وضعت لمعنى لا يصح إلا فيه وهو تقريب الماضي من الحال وتقليل المستقبل كقولك : قد قام زيد ، أي : عن قريب. وزيد قد يعطي ، أي :
يقل ذلك منه ، فأما قوله تعالى : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ) [الأنعام : ٣٣] فمعناه : قد علمنا.
__________________
والذي قال سيبويه في الباب الأول : (وأما الأفعال فأمثلة أخذت من لفظ احداث الاسماء وبنيت لما مضى ولما يكون (ولم يقع) ولما هو كائن لم ينقطع). وقد أتى في هذا بالغاية لانه جمع فيه قوله (أمثلة) والامثلة بالأفعال احق منها بالأسماء والحروف وبين انها مشتقة من المصادر وقوله : (من لفظ احداث الأسماء).
ربما أخذ عليه انه أضاف الاحداث إلى الأسماء ، والأحداث للمسميات لا للأسماء. وهذا الأخذ غير وارد عليه لوجهين : أحدهما ان المراد بأحداث الاسماء ما كان فيها عبارة عن الحدث وهو المصدر لانه من بين الاسماء عبارة عن الحدث وهو من باب اضافة النوع إلى الجنس.
والثاني : انه أراد بالاسماء المسميات كما قال تعالى : (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) والاسماء ليست معبودة وانما المعبود مسمياتها.
(١) البيت كاملا :
ألا أيّهذا اللائمي أحضر الوغى |
|
وأن أشهد اللذّات هل أنت مخلدي |
والبيت من شعر : طرفة بن العبد : (٨٦ ـ ٦٠ ق. ه / ٥٣٩ ـ ٥٦٤ م) ، وهو طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد ، أبو عمرو ، البكري الوائلي ،. شاعر جاهلي من الطبقة الأولى ، كان هجاءا غير فاحش القول ، تفيض الحكمة على لسانه في أكثر شعره ، ولد في بادية البحرين وتنقل في بقاع نجد.
اتصل بالملك عمرو بن هند فجعله في ندمائه ، ثم أرسله بكتاب إلى المكعبر عامله على البحرين وعمان يأمره فيه بقتله ، لأبيات بلغ الملك أن طرفة هجاه بها ، فقتله المكعبر شابا.