مسألة : فإن بنيت من المضاعف بناء في آخره ألف ونون ، فقال الخليل وسيبويه : إن كان مصدرا فككت الإدغام نحو الرددان ، وإن كان مكسور العين أو مضمومها لم يفكّ يحمل كل واحد منهما على بابه فالمصدر هنا مثل الغليان والنّزوان.
وقال الأخفش : يفكّ الإدغام في الجميع فأمّا الملحق فلا يدغم ؛ لأن ذلك يبطل معنى الإلحاق ، وقد سبق ذكره فأمّا اقتتلوا فالأكثرون لا يدغمون ؛ لأن التاء زيدت لمعنى فلا تذهب بالإدغام وليس هنا حرف علّة ، ومنهم من يدغم فيقول قتّلوا بكسر القاف وفتح التاء ، ومنهم من يكسر التّاء ويقول في المستقبل يقتّلون وفي اسم الفاعل مقتّلين ، ومنهم من يضمّ فيقول مردّفين فيتبع ، ومنهم من يكسر الميم إتباعا لكسرة الراء.
والضرب الثاني : أن يكونا من كلمتين وهو على ضربين أيضا جائز ولازم.
فالجائز : أن يكون الأوّل متحرّكا ، والإظهار أجود لئلا يلزم الإسكان والتغيير فيما ليس بلازم ؛ لأن الكلمتين قد تفترقان والإدغام جائز للتخفيف وأحسن ذلك أن يتوالى فيه أربع متحركات فصاعدا نحو : (جعل لكم) و (ضرب بكر).
فصل : فإن كان قبل الحرف الأوّل ساكن لم يجز الإدغام لئلا يجمع بين ساكنين إلّا أن يكون ذلك الساكن حرف مدّ كقولك : اسم موسى وبكر رافع هذا لا يدغم ومثال حرف الحدّ : (الرحيم ملك) والمال لك والغفور ربّنا ومثله في المتّصل تمودّ الثوب.
فصل : فإن كان قبل الياء والواو فتحة نحو جيب بكر والقول لك جاز الإدغام أيضا ؛ لأن المدّ الجاري مجرى الحركة موجود فأمّا مثل : (آمَنُوا وَهاجَرُوا) فلا يدغم ؛ لأن الواو الأولى تامّة المدّ فهو فيها كالفاصل بالحركة ولا يصح زوال مدّها كما لا يصحّ تسكين المتحرك فأمّا مثل قوله تعالى : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ) [البقرة : ٢٦٧]. فأصله (تتيمموا) فيجوز إدغام التاء في التاء ؛ لأن قبلها ألف لا ، ومنهم من يحذف التاء فأمّا قوله تعالى : (فَلا تَتَناجَوْا) [المجادلة : ٩] فيجوز الإدغام وترك الإدغام.
فصل : وأمّا الإدغام اللازم فأن يكون الأوّل ساكنا والثاني : مماثل له كقولك : (وقد دخلوا) و (هل لكم).