فصل : وإنّما كانت ألقاب الإعراب أربعة ضرورة إذ لا خامس لها ، وذلك أنّ الأعراض إمّا حركة وإمّا سكون ، والسكون نوع واحد والحركات ثلاث ، فمن هنا انقسمت إلى هذه العدّة.
فصل : والإعراب دخل الأسماء لمسيس الحاجة إلى الفصل بين المعاني على ما سبق.
وقال قطرب : دخل الكلام استحسانا ؛ لأن المتكلّم يصل بعض كلامه ببعض ، وفي تسكين أواخر الكلم في الوصل كلفة فحرّك تسهيلا على المتكلم ولو كان الإعراب لحاجة الفصل وللفرق لاستغني عنه بتقديم الفاعل على المفعول ، ولكان الاتفاق في الإعراب يوجب الاتفاق في المعاني ، وليس كذلك ألا ترى أنّ قولك : (زيد قائم) مثل قولك : (هل زيد قائم) ، وقولك : (إنّ زيدا قائم) مثل قولك : (زيد قائم) في المعنى ، والجواب عمّا قاله من وجهين :
أحدهما : أن السكون أسهل على المتكلّم من الحركة.
والثانى : أنّ الغرض لو كان ما ذكر لكان المتكلّم بالخيار إن شاء حرّك بأي حركة شاء ، وإنّ شاء سكّن ، وأما التقديم فجوابه من وجهين :
أحدهما : أنّه لا يمكن في كلّ مكان ألا ترى أنّ التقديم في قولك : ما أحسن زيدا! غير ممكن.
والثانى : أنّ في لزوم التقديم تضييقا على المتكلّم مع حاجته إلى التسجيع وإقامة القافية.
وأمّا اختلاف الإعراب مع اتّفاق المعنى وعكسه فشيء عارض جاز لضرب من التشبيه بالأصول فلا يناقض به.
فصل : واختلفوا هل الإعراب (١) سابق على البناء أم العكس؟ فالمحقّقون على أنّ الإعراب سابق ؛ لأن واضع اللغة حكيم ، يعلم أنّ الكلام عند التركيب لا بدّ أن يعرض فيه لبس ، فحكمته تقتضي أن يضع الإعراب مقارنا للكلام.
__________________
(١) المعرب بحق الأصل هو الاسم والفعل المضارع محمول عليه ، وقال بعض الكوفيين : المضارع أصل في الإعراب أيضا.
وحجة الأولين : أن الإعراب أتي به لمعنى لا يصح إلا في الاسم فاختص بالاسم كالتصغير وغيره من خواص الاسم ، والدليل على ذلك : أن الأصل عدم الإعراب لأن الأصل دلالة الكلمة على المعنى اللازم لها والزيادة على ذلك خارجة عن هذه الدلالة. وإنما يؤتى بها لتدل على معنى عارض يكون تارة. والمعنى الذي