والثاني : أنّ التأنيث والجمع زيادتان ملتبستان متصلتان فكان الدالّ عليهما حرفين ملتبسين من غير تفريع ، ألا ترى أنّ علامة النسب حرفان وهو معنى واحد فكون العلامة هنا حرفين أولى.
فصل : وإنّما حمل المنصوب هنا على المجرور لوجهين :
أحدهما : أنّه جمع تصحيح فحمل النصب فيه على الجرّ كجمع المذكّر ؛ لأن المؤنّث فرع على المذكّر والفروع تحمل على الأصول ، فلو جعل النصب أصلا لكان الفرع أوسع من أصله وهذا استحسان من العرب لا أنّ النصب متعذّر.
والوجه الثاني : أنّ المؤنّث بالتاء في الواحد تقلب تاؤه هاء في الوقف ولا يمكن ذلك في الجمع فكما غيّر في الواحد غيّر في الجمع فحمل النصب على غيره إذ كان تغييرا والتغيير يؤنس بالتغيير.
فصل : وكسرته في النصب إعراب ، وقال الأخفش : بناء ، وهذا ضعيف إذ لا علّة توجب البناء ، ولو صحّ ما قال لكان فتح المجرور فيما لا ينصرف والتثنية والجمع في النصب بناء.
فصل : والتنوين الداخل هذا الجمع ليس تنوين الصرف.
وقال الربعيّ : هو تنوين الصرف ، وما قاله ضعيف بدليل ثبوته فيما لا ينصرف كقوله تعالى : (أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ) [البقرة : ١٩٨] وقولهم : (هذه عرفات مباركا فيها) فنصب الحال عنها يدلّ على أنّها معرفة وهي مؤنّثة ، وإنّما هذا التنوين نظير النون في : (مسلمون) إذ كان هذا الجمع فرعا على ذلك الجمع.
وقيل : التنوين هنا عوض ممّا منع هذا الاسم من الفتحة في النصب كما عوّضت النون من الحركة في التثنية والجمع ، ولّما كان المعوّض منه حركة واحدة جعلت هذه النون كتنوين الصرف في أنّها لا تثبت وقفا وخطّا ولا مع الألف واللام.
فصل : وإنّما حذفت التاء الأولى في نحو : (مسلمات) لوجهين :
أحدهما : أن الغرض منها التأنيث ، وقد حصل بتاء الجمع.
والثاني : أنّ تاء التأنيث لم تقع حشوا ؛ ولهذا لم تثبت في النسب فلا يقال : (بصرتيّ) ، وقيل : امتناعها في النسب لئلّا يقال : (بصرتية) فتجمتع علامتان.