فصل : وإنّما قلبت همزة التأنيث (واوا) ؛ لأنها تشبه الألف إذ هي من مخرجها وتخفّف إليها وتصوّر في الخطّ ألفا ، فلو بقيت لتوالى في التقدير ثلاث ألفات ، ولو حذفت لحذفت ألف أخرى لالتقائهما.
فصل : وإنّما قلبت : (واوا) لا ياء لثلاثة أوجه :
أحدهما : أنّ الهمزة تشبه الواو في النقل ومقابلتها في مخرجها ؛ ولهذا أبدلت منها في : (وقّتت) و (وجوه) فأبدلت الواو منها تعويضا.
والثاني : أنّها لو ابدلت ياء ـ والياء أشبه بالألف ـ لم يحصل الغرض من إبدالها ؛ لأن الياء كالألف.
والثالث : أنّهم فرّقوا بذلك بين جمع المقصور والممدود (١).
فصل : ولم تجمع الصفات بالألف والتاء نحو : (حمراء) و (صفراء) ؛ لأن هذا الجمع فرع على جمع المذكّر ، ولمّا لم يقولوا : (أحمرون) ، (أصفرون) في المذكّر لم يقولوا : (حمراوات).
والعلّة في ذلك : أنّ الصفة مشتقة من الفعل ففيها ضرب من الثقل ؛ ولهذا كانت إحدى علل منع الصرف والجمع والتأنيث ثقيلان فتزداد ثقلا ، فأمّا قوله عليه الصلاة والسلام : «ليس في الخضراوات زكاة» (٢) فإنّه جعل كالاسم إذ كان صفة غالبة لا يذكر معها الموصوف : (كالأبطح) و (الأبرق).
__________________
هذه عرفات ، زرت عرفات ، ووقفت بعرفات. وإذا أراد الوقوف على آخره وقف بالتاء المفتوحة ، فهذه ثلاثة أراء قد يكون أفضلها الأخير فيحسن الاقتصار عليه فى استعمالنا.
(١) قال ابن عقيل في شرحه على الألفية : الممدود إما أن تكون همزته بدلا من ألف التأنيث أو للإلحاق أو بدلا من أصل أو أصلا فإن كانت بدلا من ألف التأنيث فالمشهور قلبها واوا فنقول في صحراء وحمراء صحراوان وحمراوان ، وإن كانت للإلحاق كعلباء أو بدلا من أصل نحو كساء وحياء جاز فيها وجهان أحدهما قلبها واوا فتقول علباوان وكساوان وحياوان والثاني إبقاء الهمزة من غير تغيير فتقول علباءان وكساءان وحياءان والقلب في الملحقة أولى من إبقاء الهمزة وإبقاء الهمزة المبدلة من أصل أولى من قلبها واوا ، وإن كانت الهمزة الممدودة أصلا وجب إبقاؤها فتقول في قراء ووضاء قراءان ووضاءان ، وأشار بقوله وما شذ على نقل قصر إلى أن ما جاء من تثنية المقصور أو الممدود على خلاف ما ذكر اقتصر فيه على السماع كقولهم في الخوزلي الخوزلان والقياس الخوزليان وقولهم في حمراء حمرايان والقياس حمراوان.
(٢) أخرجه الترمذي من حديث معاذ بن جبل (٦٣٨) ، وأخرجه الدار قطني في سننه (١٩٠٠).