الأليق به أن يستبقي عزيمته ومجاهدته لدفع ما أمر بتجنبه.
وفي هذا الاستئناف ابتداء لنقض أقوال المنافقين أن النبي صلىاللهعليهوسلم تزوج امرأة ابنه.
ومعنى : (فَرَضَ اللهُ لَهُ) قدّره ، إذ أذنه بفعله. وتعدية فعل (فَرَضَ) باللام تدل على هذا المعنى بخلاف تعديته بحرف (على) كقوله : (قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ) [الأحزاب : ٥٠].
والسّنّة : السيرة من عمل أو خلق يلازمه صاحبه. ومضى القول في هل السنة اسم جامد أو اسم مصدر عند قوله تعالى : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ) في سورة آل عمران [١٣٧] ، وعلى الأول فانتصاب (سُنَّةَ اللهِ) هنا على أنه اسم وضع في موضع المصدر لدلالته على معنى فعل ومصدر. قال في «الكشاف» كقولهم : تربا وجندلا ، أي في الدعاء ، أي ترب تربا. وأصله : ترب له وجندل له. وجاء على مراعاة الأصل قول المعري :
تمنت قويقا والسراة حيالها |
|
تراب لها من أينق وجمال |
ساقه مساق التعجب المشوب بغضب.
وعلى الثاني فانتصاب (سُنَّةَ) على المفعول المطلق ، وعلى كلا الوجهين فالفعل مقدّر دل عليه المصدر أو نائبه. فالتقدير : سنّ الله سنته في الذين خلوا من قبل.
والمعنى : أن محمدا صلىاللهعليهوسلم متّبع سنّة الأنبياء الذين سبقوه اتباعا لما فرض الله له كما فرض لهم ، أي أباح.
والمراد ب (الَّذِينَ خَلَوْا) : الأنبياء بقرينة سياق لفظ النبي ، أي الذين خلوا من قبل النبوءة ، وقد زاده بيانا قوله : (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ) ، فالأنبياء كانوا متزوجين وكان لكثير منهم عدة أزواج ، وكان بعض أزواجهم أحب إليهم من بعضهن.
فإن وقفنا عند ما جاء في هذه الآية وما بيّنته الآثار الصحيحة فالعبرة بأحوال جميع الأنبياء.
وإن تلقّينا بشيء من الإغضاء بعض الآثار الضعيفة التي ألصقت بقصة تزوج زينب كان داود عليهالسلام عبرة بالخصوص فقد كانت له زوجات كثيرات وكان قد أحب أن يتزوج زوجة (أوريا) وهي التي ضرب الله لها مثلا بالخصم الذين تسوّروا المحراب وتشاكوا بين يديه. وستأتي في سورة ص ، وقد ذكرت القصة في «سفر الملوك». ومحلّ