قد علمناه فكيف نصلي عليك؟» يعنون أنهم علموا السلام عليه من صيغة بثّ السلام بين المسلمين وفي التشهد فالسلام بين المسلمين صيغته : السلام عليكم. والسلام في التشهد هو «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته» أو «السلام على النبي ورحمة الله وبركاته». فقال رسول الله : قولوا : «اللهم صلّ على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد». هذه رواية مالك في «الموطأ» عن أبي حميد الساعدي.
وروي أيضا عن أبي مسعود الأنصاري بلفظ «وعلى آل محمد» (عن أزواجه وذريته في الموضعين) وبزيادة «في العالمين» ، قبل : «إنك حميد مجيد. والسلام كما قد علمتم». وهما أصح ما روي كما قال أبو بكر بن العربي. وهناك روايات خمس أخرى متقاربة المعنى وفي بعضها زيادة وقد استقصاها ابن العربي في «أحكام القرآن». ومرجع صيغها إلى توجه إلى الله بأن يفيض خيرات على رسوله صلىاللهعليهوسلم لأن معنى الصلاة الدعاء ، والدعاء من حسن الأقوال ، ودعاء المؤمنين لا يتوجه إلّا إلى الله.
وظاهر صيغة الأمر مع قرينة السياق يقتضي وجوب أن يصلي المؤمن على النبيصلىاللهعليهوسلم ، إلا أنه كان مجملا في العدد فمحمله محمل الأمر المجمل أن يفيد المرة لأنها ضرورية لإيقاع الفعل ولمقتضى الأمر. ولذلك اتفق فقهاء الأمة على أن واجبا على كل مؤمن أن يصلي على النبي صلىاللهعليهوسلم مرة في العمر ، فجعلوا وقتها العمر كالحج. وقد اختلفوا فيما زاد على ذلك في حكمه ومقداره ، ولا خلاف في استحباب الإكثار من الصلاة عليه وخاصة عند وجود أسبابها. قال الشافعي وإسحاق ومحمد بن المواز من المالكية واختاره أبو بكر بن العربي من المالكية : إن الصلاة عليه فرض في الصلاة فمن تركها بطلت صلاته. قال إسحاق : ولو كان ناسيا.
وظاهر حكايتهم عن الشافعي أن تركها إنما يبطل الصلاة إذا كان عمدا وكأنهم جعلوا ذلك بيانا للإجمال الذي في الأمر من جهة الوقت والعدد ، فجعلوا الوقت هو إيقاع الصلاة للمقارنة بين الصلاة والتسليم ، والتسليم وارد في التشهد ، فتكون الصلاة معه على نحو ما استدل أبو بكر الصديق رضياللهعنه من قوله : لأقاتلنّ من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإذا كان هذا مأخذهم فهو ضعيف لأن الآية لم ترد في مقام أحكام الصلاة ، وإلا فليس له أن يبين مجملا بلا دليل.
وقال جمهور العلماء : هي في الصلاة مستحبة وهي في التشهد الأخير وهو الذي