جرى عليه الشافعية أيضا. قال الخطابي : ولا أعلم للشافعي فيها قدوة وهو مخالف لعمل السلف قبله ، وقد شنع عليه في هذه المسألة جدا. وهذا تشهد ابن مسعود الذي علمه النبيصلىاللهعليهوسلم والذي اختاره الشافعي ليس فيه الصلاة على النبي ، كذلك كل من روى التشهد عن رسول الله. قال ابن عمر : كان أبو بكر يعلمنا التشهد على المنبر كما تعلمون الصبيان في الكتّاب ، وعلمه أيضا على المنبر عمر ، وليس في شيء من ذلك ذكر الصلاة على النبيصلىاللهعليهوسلم. قلت : فمن قال إنها سنة في الصلاة فإنما أراد المستحب.
وأما حديث «لا صلاة لمن لم يصل عليّ» فقد ضعفه أهل الحديث كلهم.
ومن أسباب الصلاة عليه أن يصلي عليه من جرى ذكره عنده ، وكذلك في افتتاح الكتب والرسائل ، وعند الدعاء ، وعند سماع الأذان ، وعند انتهاء المؤذن ، وعند دخول المسجد ، وفي التشهد الأخير.
وفي التوطئة للأمر بالصلاة على النبي بذكر الفعل المضارع في (يُصَلُّونَ) إشارة إلى الترغيب في الإكثار من الصلاة على النبي صلىاللهعليهوسلم تأسّيا بصلاة الله وملائكته.
واعلم أنا لم نقف على أن أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم كانوا يصلون على النبي كلما جرى ذكر اسمه ولا أن يكتبوا الصلاة عليه إذا كتبوا اسمه ولم نقف على تعيين مبدأ كتابة ذلك بين المسلمين.
والذي يبدو أنهم كانوا يصلون على النبي إذا تذكروا بعض شئونه كما كانوا يترحمون على الميّت إذا ذكروا بعض محاسنه. وفي «السيرة الحلبية» : «لما توفي رسول اللهصلىاللهعليهوسلم واعترى عمر من الدهش ما هو معلوم وتكلم أبو بكر بما هو معلوم قال عمر : إنا لله وإنا إليه راجعون صلوات الله على رسوله وعند الله نحتسب رسوله» وروى البخاري في باب : متى يحلّ المعتمر : عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت تقول كلما مرت بالحجون «صلى الله على رسوله محمد وسلّم لقد نزلنا معه هاهنا ونحن يومئذ خفاف» إلى آخره.
وفي باب ما يقول عند دخول المسجد من «جامع الترمذي» حديث فاطمة بنت الحسين عن جدتها فاطمة الكبرى قالت : كان رسول الله إذا دخل المسجد صلّى على محمد وسلّم وقال : رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج صلّى على محمد وسلّم وقال : رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك ، قال الترمذي : حديث