وجملة (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ) استئناف ابتدائي. وحذف مفعول (يَنْتَهِ) لظهوره ، أي لم ينتهوا عن أذى الرسول والمؤمنين.
والإرجاف : إشاعة الأخبار. وفيه معنى كون الأخبار كاذبة أو مسيئة لأصحابها يعيدونها في المجالس ليطمئن السامعون لها مرة بعد مرة بأنها صادقة لأن الإشاعة إنما تقصد للترويج بشيء غير واقع أو مما لا يصدّق به لاشتقاق ذلك من الرجف والرجفان وهو الاضطراب والتزلزل.
فالمرجفون قوم يتلقون الأخبار فيحدّثون بها في مجالس ونواد ويخبرون بها من يسأل ومن لا يسأل. ومعنى الإرجاف هنا : أنهم يرجفون بما يؤذي النبي صلىاللهعليهوسلم والمسلمين والمسلمات ، ويتحدثون عن سرايا المسلمين فيقولون : هزموا أو أسرع فيهم القتل أو نحو ذلك لإيقاع الشك في نفوس الناس والخوف وسوء ظن بعضهم ببعض. وهم من المنافقين والذين في قلوبهم مرض وأتباعهم وهم الذين قال الله فيهم (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ) في سورة النساء [٨٣].
فهذه الأوصاف لأصناف من الناس. وكان أكثر المرجفين من اليهود وليسوا من المؤمنين لأن قوله عقبه (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) لا يساعد أن فيهم مؤمنين.
واللام في (لَئِنْ) موطئة للقسم ، فالكلام بعدها قسم محذوف. والتقدير : والله لئن لم ينته.
واللام في (لَنُغْرِيَنَّكَ) لام جواب القسم ، وجواب القسم دليل على جواب الشرط.
والإغراء : الحثّ والتحريض على فعل. ويتعدّى فعله بحرف (على) وبالباء ، والأكثر أن تعديته ب (على) تفيد حثا على الفعل مطلقا في حدّ ذاته وأن تعديته بالباء تفيد حثا على الإيقاع بشخص لأن الباء للملابسة. فالمغرى عليه ملابس لذات المجرور بالباء ، أي واقعا عليها. فلا يقال : أغريته به ، إذا حرضه على إحسان إليه.
فالمعنى : لنغرينك بعقوبتهم ، أي بأن تغري المسلمين بهم كما دل عليه قوله : (أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) فإذا حلّ ذلك بهم انجلوا عن المدينة فائزين بأنفسهم وأموالهم وأهليهم.
واختير عطف جملة (لا يُجاوِرُونَكَ) ب (ثُمَ) دون الفاء للدلالة على تراخي انتفاء المجاورة عن الإغراء بهم تراخي رتبة لأن الخروج من الأوطان أشد على النفوس مما