قرأ الحساب والهندسة على أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري. وسمع الحديث منه ومن أبي القاسم علي بن الحسين الربعي وأبي الغنائم محمد بن علي النّرسيّ ، وقرأ الحديث بنفسه على أبي القاسم بن الحصين وأبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش وأبي القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري في آخرين ؛ وقرأ العالي والنازل ، وكتب بخطه الكثير.
وكان يكتب خطا مليحا ، ويضبط صحيحا ، وحصّل من الكتب والأصول وغيرها ما لا يدخل تحت حصر ؛ وكان ثقة في الحديث والنقل ، صدوقا نبيلا حجة إلا أنه كان بخيلا ، ولم يكن في دينه بذاك. وكان متبهدلا في مطعمه وملبسه ومعيشته (١) ، متهتكا في حركاته ، قليل المبالاة بحفظ ناموس العلم. وكان يلعب بالشطرنج على قارعة الطريق مع العوام ، ويقف في الشوارع على أصحاب اللهو ، وكان كثير المزاح واللعب ، طيب الأخلاق.
وله شعر ، فمنه :
أسلمته العيون درا فلما |
|
جال فوق الخدود عاد عقيقا |
وشموس ودّعن عند التلاقي |
|
فكأن الغروب عاد شروقا |
كتب إليّ محمود بن هبة الله بن الحلي ، قال : أنشدنا أبو محمد بن الخشاب لنفسه ملغزا في الكتاب :
وذي أوجه لكنه غير بائح |
|
بسر وذو الوجهين للسر يظهر |
تناجيك بالأسرار أسرار وجهه |
|
فتسمعها (٢) ما دمت بالعين تنظر |
قال أبو سعد بن السمعاني : سمعت شجاع البسطامي يقول : لما دخلت بغداد قرأ عليّ ابن الخشاب غريب الحديث لابن قتيبة قراءة ما رأيت قبلها مثلها في الصحة والسرعة ، وحضر جماعة من الفضلاء سماعها ، وكانوا يريدون أن يأخذوا عليه فلتة لسانه فما قدروا على ذلك.
أخبرنا شهاب الحاتمي قال : حدثنا أبو سعد بن السمعاني قال : عبد الله بن الخشاب شاب كامل فاضل ، له معرفة تامة بالأدب واللغة والحديث ، ويقرأ الحديث قراءة حسنة صحيحة مفهومة ، سمع الكثير بنفسه ، وجمع الأصول الحسان ، كتبت عنه.
__________________
(١) في الأصل : «تعيشه».
(٢) على الهامش : «فتفهمها».