درس الفقه على أبي يعلى بن الفراء ، وصار إمام وقته وشيخ عصره ، يدرّس ويفتي ، وصنّف في المذهب والأصول ؛ وكانت له يد حسنة في الأدب ، ويقول الشعر اللطيف. سمع الحديث من أبي محمد الحسن بن علي الجوهري وأبي طالب محمد بن علي العشاري والحسن بن غالب بن المبارك وأبي جعفر محمد بن المسلمة في آخرين ، وكتب بخطه كثيرا من مسموعاته. روى عنه ابن ناصر والمبارك بن مسعود الغسال.
ومن شعره :
إن كنت يا صاح بوجدي عالما |
|
فلا تكن لي في هواهم لائما |
وإن جهلت ما ألاقي بهم |
|
فانظر ترى دموعي السواجما |
هم قتلوني بالصدود والقلى |
|
وما رعوا في قتلي المحارما |
يا من يخاف الإثم في قتلي ما |
|
تخاف في سفك دمي المآثما؟ |
هبني رضيت أن تكون قاتلي |
|
فهل رضيت أن تكون ظالما؟ |
سلوا النجوم بعدكم عن مضجعي |
|
قل قرّ جنبي أو رأتني نائما؟ |
واستقبلوا الشمال كيما تنظروا |
|
من حرّ أنفاسي بها شمائما |
وهذه الأيك سلوا الأيك ألم |
|
أعلّم النوح بها الحمائما |
لقد أقمت بعد أن فارقتكم |
|
على فؤادي بينهن قائما |
وله :
وقرّبتني حتى تملكت مهجتي |
|
وصرت حجابا بين قلبي والعذل |
وأضرمت نيران الجوى في جوانحي |
|
وأجريت دمعي [بين] (١) سكب ومنهل |
تجافيت إما قاتلي أو معذبي |
|
فهل لك نفع في عذابي وفي قتلي؟ |
خف الله في سفك الدماء فربما |
|
ندمت على التفريط في موقف العدل |
وقالوا ألا ينهاك عقلك عنهم |
|
فقلت وهل أحببتهم ومعي عقلي |
لقد بعتهم حلمي بحلو وصالهم |
|
فخانوا فلا بالحلم فزت ولا الوصل |
مولّد محفوظ الكلوذاني في ثاني شوال سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة.
وتوفي ببغداد في ثالث عشر جمادى الآخرة سنة عشر وخمسمائة ، وقيل : في رابع
__________________
(١) ما بين المعقوفتين ليست في الأصل.