بعد بدر ، إلى اليهود : إنّكم أهل الحلقة (١) والحصن وإنّكم لتقاتلنّ صاحبنا أو لنفعلنّ كذا وكذا ، ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم شيء. وهي الخلاخيل.
فلما بلغ كتابهم النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، أجمعت بنو النّضير بالغدر. وأرسلوا إلى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : أخرج إلينا في ثلاثين رجلا من أصحابك ، وليخرج منّا ثلاثون حبرا ، حتى نلتقي بمكان المنصف (٢) ، فيسمعوا منك ، فإن صدّقوا وآمنوا بك آمنّا بك. فقصّ خبرهم.
فلمّا كان الغد ، غدا عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالكتائب فحصرهم ، فقال لهم : إنّكم والله لا تأمنون عندي إلّا بعهد تعاهدوني عليه. فأبوا أن يعطوه عهدا ، فقاتلهم يومهم ذلك.
ثم غدا على بني قريظة بالكتائب ، وترك بني النّضير ، ودعاهم إلى أن يعاهدوه. فعاهدوه ، فانصرف عنهم.
وغدا إلى بني النّضير بالكتائب ، فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء. فجلت بنو النّضير ، واحتملوا ما أقلّت الإبل من أمتعتهم وأبوابهم وخشبهم. فكان نخل بني النّضير لرسول الله صلىاللهعليهوسلم خاصّة ، أعطاه الله إيّاها ، فقال (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) (٣) ، يقول (٤) : بغير قتال. فأعطى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أكثرها المهاجرين وقسّمها بينهم ، وقسّم منها لرجلين من الأنصار كانا ذوي حاجة (٥). وبقي
__________________
(١) الحلقة : السلاح.
(٢) في هامش ع : المنصف بالفتح نصف الطريق.
(٣) سورة الحشر : من الآية ٦ ، والإيجاف : سرعة السير ، والركاب : الإبل التي تحمل القوم.
(٤) من أول قوله «يقول بغير قتال» يبد سقط نسخة ع. وقد نصّ عليه في هامش النسخة بقوله :
«الأصل ـ هنا سقط نحو ستّ ورقات فليعلم».
(٥) سيأتي اسماهما بعد قليل في حديث عروة.