قرّب الزّبير فأجلسه على فخذه وقال : إنّ لكلّ نبيّ حواريّا (١) والزّبير حواريّ.
قال ابن إسحاق (٢) : واقتتل الناس حتى حميت الحرب ، وقاتل أبو دجانة حتى أمعن في النّاس ، وحمزة بن عبد المطّلب ، وعليّ بن أبي طالب ، وآخرون.
وقال زهير بن معاوية : ثنا أبو إسحاق ، سمعت البراء يحدّث قال : جعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الرّماة يوم أحد ، وكانوا خمسين ، عبد الله بن جبير ، وقال : إذا رأيتمونا تخطّفنا الطّير فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم ، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم ، قال : فهزمهم. فأنا والله رأيت النّساء يشتددن على الجبل قد بدت خلاخيلهنّ وسوقهنّ رافعات ثيابهنّ. فقال أصحاب عبد الله بن جبير : الغنيمة ، أي قوم ، الغنيمة ، ظهر أصحابكم فما تنتظرون؟ فقال عبد الله لهم : أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقالوا : لنأتينّ النّاس فلنصيبنّ من الغنيمة : فأتوهم فصرفت وجوههم فأقبلوا منهزمين. فذلك [الّذي] (٣) يدعوهم الرسول في أخراهم. فلم يبق مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلّا اثنا عشر رجلا. فأصابوا منّا سبعين (٤).
فقال أبو سفيان : أفي القوم محمد؟ أفي القوم محمد؟ ثلاث مرّات. فنهاهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يجيبوه. ثم قال : أفي القوم ابن أبي قحافة ، أفي القوم ابن أبي قحافة؟ ثم قال : أفي القوم ابن الخطّاب؟ ثلاثا. ثم رجع إلى أصحابه فقال : أمّا هؤلاء فقد قتلوا. فما ملك عمر نفسه أن قال : كذبت يا عدوّ الله ، إنّ الذين عددت لأحياء كلّهم ، وقد بقي لك ما يسوؤك. فقال :
__________________
(١) الحواري : الناصر المبالغ في النّصرة ، والوزير والخليل ، أو ناصر الأنبياء عليهمالسلام خاصّة.
(٢) سيرة ابن هشام ٣ / ١٥١.
(٣) سقطت من الأصل ، واستدركناها من تاريخ ابن كثير (٤ / ٢٥) وعبارة البخاري ٥ / ١٢٠ :
فذاك إذ يدعوهم ..
(٤) تاريخ الطبري ٢ / ٥٠٨.