حمزة بعمّي فأنت حرّ. فلمّا خرج الناس عن (١) عينين ـ وعينين (٢) جبل تحت أحد ، بينه وبين أحد واد ـ خرجت مع النّاس إلى القتال. فلما أن اصطفّوا للقتال خرج سباع : فقال : هل من مبارز؟ فخرج إليه حمزة ، فقال : يا سباع يا بن مقطّعة البظور (٣) ، تحادّ الله ورسوله؟ ثم شدّ عليه ، فكان كأمس الذاهب. قال فكمنت لحمزة تحت صخرة حتى مرّ عليّ ، فرميته بحربتي فأضعها في ثنته (٤) حتى خرجت من وركه ، فكان ذاك العهد به. فلما رجع النّاس رجعت معهم ، فأقمت بمكة حتى فشا فيها الإسلام ، ثم خرجت إلى الطّائف. قال : وأرسلوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم رسلا ، وقيل إنّه لا تهيج الرّسل ، فخرجت معهم. فلما رآني قال : أنت وحشيّ؟ قلت : نعم. قال : الّذي قتل حمزة؟ [٣٥ أ] قلت : نعم ، قد كان الأمر الّذي بلغك. قال : ما تستطيع أن تغيّب عنّي وجهك؟ قال : فرجعت. فلما توفّي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وخرج مسيلمة ، قلت : لأخرجنّ إليه لعلّي أقتله فأكافئ به حمزة. فخرجت مع النّاس وكان من أمرهم ما كان ، فإذا رجل قائم في ثلمة جدار كأنّه جمل أورق ثائر رأسه. قال : فأرميه بحربتي فأضعها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه ، ووثب إليه رجل من الأنصار فضربه بالسّيف على هامته.
قال سليمان بن يسار : فسمعت ابن عمر يقول : قالت جارية على ظهر بيت : وا أمير المؤمنين ، قتله العبد الأسود (٥).
__________________
(١) كذا بالأصل ، ورواية البخاري «عام عينين».
(٢) في الأصل : وعينون. والمثبت عن البخاري.
(٣) البظور : بضم الباء ، مفردها بظر ، ما بين استي المرأة. (تاج العروس ١٠ / ٢١٦).
(٤) الثنة : وسط الإنسان (عن الهامش) وهي ما بين السّرّة إلى العانة. وفي تاريخ الطبري :
٢ / ٥١٧ : «فوقعت في لبّته حتى خرجت من بين رجليه». وفي تاريخ الخميس ١ / ٤٧٩ «فوقعت في ثنته حتى خرجت من بين رجليه». وانظر : السير والمغازي لابن إسحاق ٣٢٩.
(٥) تاريخ الخميس ١ / ٤٨٠.